لطفا منتظر باشید

التحمید لله عز و جل

«1» الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ بِلَا أَوَّلٍ كَانَ قَبْلَهُ ، ‌و‌ الآْخِرِ بِلَا آخِرٍ يَكُونُ بَعْدَهُ «2» الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ ، ‌و‌ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوْهَامُ الْوَاصِفِينَ . «3» ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ ابْتِدَاعاً ، ‌و‌ اخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِهِ اخْتِرَاعاً . «4» ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إِرَادَتِهِ ، ‌و‌ بَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ ، ‌لا‌ يَمْلِكُونَ تَأْخِيراً عَمَّا قَدَّمَهُمْ إِلَيْهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّماً إِلَى ‌ما‌ أَخَّرَهُمْ عَنْهُ . «5» ‌و‌ جَعَلَ لِكُلِّ رُوحٍ مِنْهُمْ قُوتاً مَعْلُوماً مَقْسُوماً ‌من‌ رِزْقِهِ ، ‌لا‌ يَنْقُصُ ‌من‌ زَادَهُ نَاقِصٌ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَزِيدُ ‌من‌ نَقَصَ مِنْهُمْ زَائِدٌ . «6» ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ أَجَلًا مَوْقُوتاً ، ‌و‌ نَصَبَ لَهُ أَمَداً مَحْدُوداً ، يَتَخَطَّأُ إِلَيْهِ بِأَيَّامِ عُمُرِهِ ، ‌و‌ يَرْهَقُهُ بِأَعْوَامِ دَهْرِهِ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ ، ‌و‌ اسْتَوْعَبَ حِسَابَ عُمُرِهِ ، قَبَضَهُ إِلَى ‌ما‌ نَدَبَهُ إِلَيْهِ ‌من‌ مَوْفُورِ ثَوَابِهِ ، أَوْ مَحْذُورِ عِقَابِهِ ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاوا بِمَا عَمِلوا ‌و‌ يَجْزِيَ الَّذِين أَحسَنُوا بِالْحُسْنَي . «7» عَدْلًا مِنْهُ ، تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ ، ‌و‌ تَظاَهَرَتْ آلَاؤُهُ ، ‌لا‌ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ‌و‌ ‌هم‌ يُسْأَلُونَ . «8» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبَادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلَى ‌ما‌ أَبْلَاهُمْ ‌من‌ مِنَنِهِ الْمُتَتَابِعَةِ ، ‌و‌ أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ ‌من‌ نِعَمِهِ الْمُتَظَاهِرَةِ ، لَتَصَرَّفُوا فِي مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ ، ‌و‌ تَوَسَّعُوا فِي رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ . «9» ‌و‌ لَوْ كَانُوا كَذَلِكَ لَخَرَجُوا ‌من‌ حُدُودِ الْإِنْسَانِيَّةِ إِلَى ‌حد‌ الْبَهِيمِيَّةِ فَكَانُوا كَمَا وَصَفَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ ( إِنْ ‌هم‌ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ ‌هم‌ أَضَلُّ سَبيلاً . ) «10» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ‌ما‌ عَرَّفَنَا ‌من‌ نَفْسِهِ ، ‌و‌ أَلْهَمَنَا ‌من‌ شُكْرِهِ ، ‌و‌ فَتَحَ لَنَا ‌من‌ أَبْوَابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ ، ‌و‌ دَلَّنَا عَلَيْهِ ‌من‌ الْإِخْلَاصِ لَهُ فِي تَوْحِيدِهِ ، ‌و‌ جَنَّبَنَا ‌من‌ الْإِلْحَادِ ‌و‌ الشَّكِّ فِي أَمْرِهِ . «11» حَمْداً نُعَمَّرُ ‌به‌ فِيمَنْ حَمِدَهُ ‌من‌ خَلْقِهِ ، ‌و‌ نَسْبِقُ ‌به‌ ‌من‌ سَبَقَ إِلَى رِضَاهُ ‌و‌ عَفْوِهِ . «12» حَمْداً يُضِي ءُ لَنَا ‌به‌ ظُلُمَاتِ الْبَرْزَخِ ، ‌و‌ يُسَهِّلُ عَلَيْنَا ‌به‌ سَبِيلَ الْمَبْعَثِ ، ‌و‌ يُشَرِّفُ ‌به‌ مَنَازِلَنَا عِنْدَ مَوَاقِفِ الْأَشْهَادِ ، يَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ‌و‌ ‌هم‌ ‌لا‌ يُظْلَمُونَ ، يَوْمَ ‌لا‌ يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ‌و‌ ‌لا‌ ‌هم‌ يُنْصَرُونَ . «13» حَمْداً يَرْتَفِعُ مِنَّا إِلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي كِتَابٍ مَرْقُومٍ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ . «14» حَمْداً تَقَرُّ ‌به‌ عُيُونُنَا إِذَا بَرِقَتِ الْأَبْصَارُ ، ‌و‌ تَبْيَضُّ ‌به‌ وُجُوهُنَا إِذَا اسْوَدَّتِ الْأَبْشَارُ . «15» حَمْداً نُعْتَقُ ‌به‌ ‌من‌ أَلِيمِ نَارِ اللَّهِ إِلَى كَرِيمِ جِوَارِ اللَّهِ . «16» حَمْداً نُزَاحِمُ ‌به‌ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ ، ‌و‌ نُضَامُّ ‌به‌ أَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ الَّتِي ‌لا‌ تَزُولُ ، ‌و‌ مَحَلِّ كَرَامَتِهِ الَّتِي ‌لا‌ تَحُولُ . «17» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اخْتَارَ لَنَا مَحَاسِنَ الْخَلْقِ ، ‌و‌ أَجْرَى عَلَيْنَا طَيِّبَاتِ الرِّزْقِ . «18» ‌و‌ جَعَلَ لَنَا الْفَضِيلَةَ بِالْمَلَكَةِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ ، فَكُلُّ خَلِيقَتِهِ مُنْقَادَةٌ لَنَا بِقُدْرَتِهِ ، ‌و‌ صَائِرَةٌ إِلَى طَاعَتِنَا بِعِزَّتِهِ . «19» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغْلَقَ عَنَّا بَابَ الْحَاجَةِ إِلَّا إِلَيْهِ ، فَكَيْفَ نُطِيقُ حَمْدَهُ أَمْ مَتَى نُؤَدِّي شُكْرَهُ ‌لا‌ ، مَتَى . «20» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَكَّبَ فِينَا آلَاتِ الْبَسْطِ ، ‌و‌ جَعَلَ لَنَا أَدَوَاتِ الْقَبْضِ ، ‌و‌ مَتَّعَنَا بِأَرْوَاحِ الْحَيَاةِ ، ‌و‌ أَثْبَتَ فِينَا جَوَارِحَ الْأَعْمَالِ ، ‌و‌ غَذَّانَا بِطَيِّبَاتِ الرِّزْقِ ، ‌و‌ أَغْنَانَا بِفَضْلِهِ ، ‌و‌ أَقْنَانَا بِمَنِّهِ . «21» ثُمَّ أَمَرَنَا لِيَخْتَبِرَ طَاعَتَنَا ، ‌و‌ نَهَانَا لِيَبْتَلِيَ شُكْرَنَا ، فَخَالَفْنَا عَنْ طَرِيقِ أَمْرِهِ ، ‌و‌ رَكِبْنَا مُتُونَ زَجْرِهِ ، فَلَمْ يَبْتَدِرْنَا بِعُقُوبَتِهِ ، ‌و‌ لَمْ يُعَاجِلْنَا بِنِقْمَتِهِ ، بَلْ تَأَنَّانَا بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً ، ‌و‌ انْتَظَرَ مُرَاجَعَتَنَا بِرَأْفَتِهِ حِلْماً . «22» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي دَلَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتِي لَمْ نُفِدْهَا إِلَّا ‌من‌ فَضْلِهِ ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ ‌من‌ فَضْلِهِ إِلَّا بِهَا لَقَدْ حَسُنَ بَلَاؤُهُ عِنْدَنَا ، ‌و‌ ‌جل‌ إِحْسَانُهُ إِلَيْنَا ‌و‌ جَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنَا «23» فَمَا هَكَذَا كَانَتْ سُنَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا ‌ما‌ ‌لا‌ طَاقَةَ لَنَا ‌به‌ ، ‌و‌ لَمْ يُكَلِّفْنَا إِلَّا وُسْعاً ، ‌و‌ لَمْ يُجَشِّمْنَا إِلَّا يُسْراً ، ‌و‌ لَمْ يَدَعْ لِأَحَدٍ مِنَّا حُجَّةً ‌و‌ ‌لا‌ عُذْراً . «24» فَالْهَالِكُ مِنَّا ‌من‌ هَلَكَ عَلَيْهِ ، ‌و‌ السَّعِيدُ مِنَّا ‌من‌ رَغِبَ إِلَيْهِ «25» ‌و‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِكُلِّ ‌ما‌ حَمِدَهُ ‌به‌ أَدْنَى مَلَائِكَتِهِ إِلَيْهِ ‌و‌ أَكْرَمُ خَلِيقَتِهِ عَلَيْهِ ‌و‌ أَرْضَى حَامِدِيهِ لَدَيْهِ «26» حَمْداً يَفْضُلُ سَائِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنَا عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ . «27» ثُمَّ لَهُ الْحَمْدُ مَكَانَ كُلِّ نِعْمَةٍ لَهُ عَلَيْنَا ‌و‌ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ الْمَاضِينَ ‌و‌ الْبَاقِينَ عَدَدَ ‌ما‌ أَحَاطَ ‌به‌ عِلْمُهُ ‌من‌ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، ‌و‌ مَكَانَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَدَدُهَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً أَبَداً سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . «28» حَمْداً ‌لا‌ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ حِسَابَ لِعَدَدِهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ مَبْلَغَ لِغَايَتِهِ ، ‌و‌ ‌لا‌ انْقِطَاعَ لِأَمَدِهِ «29» حَمْداً يَكُونُ وُصْلَةً إِلَى طَاعَتِهِ ‌و‌ عَفْوِهِ ، ‌و‌ سَبَباً إِلَى رِضْوَانِهِ ، ‌و‌ ذَرِيعَةً إِلَى مَغْفِرَتِهِ ، ‌و‌ طَرِيقاً إِلَى جَنَّتِهِ ، ‌و‌ خَفِيراً ‌من‌ نَقِمَتِهِ ، ‌و‌ أَمْناً ‌من‌ غَضَبِهِ ، ‌و‌ ظَهِيراً عَلَى طَاعَتِهِ ، ‌و‌ حَاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، ‌و‌ عَوْناً عَلَى تَأْدِيَةِ حَقِّهِ ‌و‌ وَظَائِفِهِ . «30» حَمْداً نَسْعَدُ ‌به‌ فِي السُّعَدَاءِ ‌من‌ أَوْلِيَائِهِ ، ‌و‌ نَصِيرُ ‌به‌ فِي نَظْمِ الشُّهَدَاءِ بِسُيُوفِ أَعْدَائِهِ ، إِنَّهُ وَلِيٌّ حَمِیدٌ


اللغه:
 الحمد: قال الراغب ‌فى‌ مفرداته: الحمد لله تعالى الثناء عليه بالفضيله ‌و‌ ‌هو‌ اخص ‌من‌ المدح ‌و‌ اعم ‌من‌ الشكر.
 
 الحمد لله:
 
 - الحمد لله صيغه افتتح الله قرآنه بها ‌و‌ اوجب على المسلم ‌ان‌ يقراها مرتين ‌فى‌ كل صلاه يوديها... انها اعتراف ‌و‌ اقرار بحق الله ‌و‌ انه المستحق للحمد...
 - الحمد لله ليست كلمه تدار على اللسان فحسب... انها ذكر طيب ‌و‌ جميل عندما تخرج ‌من‌ القلوب الطاهره الصافيه المطيعه لله... ‌ما‌ اطيبها ‌و‌ ارقها عندما تخرج ‌من‌ القلب معبره عما ‌فى‌ الضمير... ‌ما‌ اجملها عندما تنطلق ‌من‌ القلوب العامره بالايمان المطمئنه لحكم الله ‌و‌ ارادته... احس بنداوتها ‌و‌ عطرها ‌و‌ اشعر انها تنساب بيسر ‌و‌ سهوله الى داخل قلبى فيرق لها ‌و‌ يستشعر الخشيه فيخشع لله ‌و‌ ينكسر ‌من‌ هيبته...
 - الحمد لله تسبيحه المطيعين لله الخارجين ‌من‌ سلطان انفسهم ‌و‌ الداخلين ‌فى‌ سلطان الله ‌و‌ حكمه... الحمد لله الذى هدانا لهذا ‌و‌ ‌ما‌ كنا لنهتدى لولا ‌ان‌ هدانا الله...
 - الحمد لله كلمه تنطلق عند كل نعمه- معنويه ‌او‌ ماديه يشعر بها الانسان- ‌و‌ ‌ما‌ اكثرها عنده- الحمد لله الذى انزل على عبده الكتاب... لانه باب الهدايه ‌و‌ مفتاح الخير ‌و‌ عنوان النجاح.
 - الحمد لله كلمه تنطلق عندما يتخلص الانسان المومن ‌من‌ الاشرار ‌و‌ الظالمين... حينما تتوقف ابواب الهدايه عندهم ‌و‌ تسد منافذ النور بينهم ‌و‌ بين الحق... الحمد لله الذى نجانا ‌من‌ القوم الظالمين... فقطع دابر القوم الذين ظلموا ‌و‌ الحمد لله رب العالمين...
 - الحمد لله تسبيحه يفتتح المومن صباحه بها ‌و‌ يختم نهاره بها ملبيا امر الله سبحانه حيث يقول: ‌و‌ سبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ‌و‌ قبل الغروب ‌و‌ قوله سبحانه: ‌و‌ سبح بحمد ربك بالعشى ‌و‌ الابكار.
 - الحمد لله تسبيحه يطلقها الكون كله بما فيه ‌و‌ بمن فيه دون استثناء- تسبيحه الحال التى هى اقوى ‌من‌ المقال- تسبيحه ‌من‌ نوع خاص ‌لا‌ يفقهها الناس ‌و‌ ‌لا‌ يشعرون بها ‌و‌ ‌ان‌ ‌من‌ شى ء الا يسبح بحمده ‌و‌ لكن ‌لا‌ تفقهون تسبيحهم.
 - الحمد لله ‌ان‌ تعيش الحياه كلها ‌فى‌ طاعه الله... ‌فى‌ صغير الامور ‌و‌ كبيرها. حقيرها ‌و‌ جليلها... ‌فى‌ المعمل ‌و‌ ‌فى‌ الحقل... ‌فى‌ السياسه ‌و‌ الاقتصاد... ‌فى‌ العبادات ‌و‌ المعاملات... ‌فى‌ العلاقات الاجتماعيه ‌و‌ الفرديه... ‌فى‌ السر ‌و‌ العلن... ‌فى‌ كل خطوه تخطوها ‌و‌ ‌فى‌ كل كلمه تقولها... بل ‌فى‌ كل ‌ما‌ يخطر ‌فى‌ الفكر ‌و‌ تتحدث ‌به‌ النفس.
 الحمد ‌هو‌ الالتزام:
 
 لكى تنطلق الشفاه بحمد الله ‌و‌ تكون صادقه فيما تقول يجب ‌ان‌ يكون صاحبها ملتزما باوامر الله ‌و‌ احكامه يقوم بالواجبات ‌و‌ يترك المحرمات ‌و‌ ‌لا‌ يتعدى حدود ‌ما‌ رسمه الله له ‌فى‌ شريعته فلا يخرج عن الحلال ليدخل ‌فى‌ لحرام...
 الالتزام الشرعى ‌و‌ عدم الخروج عما فرضه الله ‌هو‌ الاقوى تعبيرا ‌و‌ الاعظم اجرا ‌من‌ كلمه الحمد لله اذا كانت خاليه عن مضمونها مشوبه بمعصيه الله ‌و‌ التمرد عليه...
 اذا اردت ‌ان‌ تكون كلمه الحمد لله صادقه منك مقبوله عند الله موثره ‌فى‌ الناس فعليك ‌ان‌ تنظر الى نعم الله عليك ابتداء ‌من‌ نفسك بجميع اجزائها ‌و‌ حيثياتها الى مواقفك العامه ‌و‌ الخاصه وصولا الى علاقاتك بالعالم الخارجى...
 فمن جهه نفسك تنظر الى تكوينها ‌و‌ تركيبها ‌و‌ ‌ما‌ فيها ‌من‌ عجائب الصنع ‌و‌ التكوين فتحمد الله على ‌ان‌ خلقك ‌فى‌ احسن تقويم... ثم تنظر الى كل عضو منك... الى الاذن ‌و‌ الفم ‌و‌ اللسان ‌و‌ اليد ‌و‌ الرجل ‌و‌ غيرها ثم تستعملها ‌فى‌ طاعه الله ‌و‌ ‌ما‌ فرضه عليك ‌و‌ ‌لا‌ تخرج بها عما اراده الله منك الى ‌ما‌ نهاك عنه ‌و‌ بذلك تكون قد حمدت الله فعلا ‌و‌ بلسان الحال ‌و‌ ‌هو‌ اقوى ‌من‌ الحمد باللسان... ‌و‌ كذلك اذا وقفت ‌ضد‌ الظالمين ‌و‌ انتصرت للمظلومين فانت بموقفك تحمد الله فعلا ‌و‌ ‌ان‌ لم تنطلق كلمه الحمد على لسانك... ‌و‌ هكذا ‌فى‌ كل موقف عندما يتنازعك عامل الدنيا ‌و‌ عامل الدين... عامل العدل ‌و‌ عامل الجور... اراده الله ‌و‌ اراده غير الله... عندها اذا وقفت مع الله ‌و‌ العدل ‌و‌ الدين تكون بموقفك حامدا لله ‌و‌ ‌ان‌ لم تنطق بكلمه الحمد... ‌و‌ تكون بموقفك اعظم اجرا ‌من‌ كلمه الحمد اذا كانت خاليه عن ذلك الموقف ‌و‌ هذا المعنى ‌هو‌ المستفاد ‌من‌ الاخبار...
 - عن ابى عبدالله ع قال: الشكر للنعم اجتناب المحارم ‌و‌ تمام الشكر قول: الحمد لله رب العالمين...
 - عن النبى ص قال: ‌من‌ اطاع الله فقد ذكر الله ‌و‌ ‌ان‌ قلت صلاته ‌و‌ صيامه ‌و‌ تلاوته للقرآن ‌و‌ ‌من‌ عصى الله فقد نسى الله ‌و‌ ‌ان‌ كثرت صلاته ‌و‌ صيامه ‌و‌ تلاوته للقرآن.
 - عن الصادق ع قال: ‌ما‌ ابتلى المومن بشى ء اشد عليه ‌من‌ خصال ثلاث يحرمها قيل ‌و‌ ‌ما‌ هى: قال: المواساه ‌فى‌ ذات يده ‌و‌ الانصاف ‌من‌ نفسه ‌و‌ ذكر الله كثيرا اما انى ‌لا‌ اقول لكم: سبحان الله ‌و‌ الحمد لله ‌و‌ ‌لا‌ اله الا الله ‌و‌ الله اكبر ‌و‌ لكن ذكر الله عندما احل له ‌و‌ عندما حرم عليه...
 
 الحث على الحمد:
 
 حثت الاخبار الوارده عن النبى ص ‌و‌ الائمه على حمد الله:
 1- ‌و‌ ورد عن النبى ص قوله: ‌لا‌ اله الا الله نصف الميزان، ‌و‌ الحمد لله يملاه.
 2- عن اميرالمومنين ع قال: كان رسول الله ص اذا اتاه امر يسره قال: الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ‌و‌ اذا اتاه امر يكرهه قال: الحمد لله على كل حال.
 
 الحمد عند ظهور النعم:
 
 ‌و‌ يتاكد استحباب الحمد عند ازدياد النعم ‌و‌ ظهورها:
 1- عن رسول الله ص قال: ‌من‌ ظهرت عليه النعمه فليكثر الحمد لله.
 2- عن الرضا ع قال: ‌من‌ حمد الله على النعمه فقد شكره ‌و‌ كان الحمد افضل ‌من‌ تلك النعمه.
 الحمد عند رويه المبتلى:
 
 ‌و‌ يستحب للمومن ‌ان‌ يحمد الله عندما يرى مبتلى بعاهه بدنيه ‌او‌ نفسيه:
 1- عن ابى عبدالله ع قال: ‌من‌ نظر الى ذى عاهه ‌او‌ ‌من‌ قد مثل ‌به‌ ‌او‌ صاحب بلاء فليقل سرا ‌فى‌ نفسه ‌من‌ غير ‌ان‌ يسمعه:
 الحمد لله الذى عافانى مما ابتلاك ‌به‌ ‌و‌ لو شاء لفعل ‌بى‌ ذلك، ثلاث مرات فانه ‌لا‌ يصيبه ذلك البلاء ابدا...
 
 حمد الله ‌حق‌ حمده:
 
 1- ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن على ع قال: بعث رسول الله ص سريه فقال: اللهم ‌ان‌ لك على ‌ان‌ رددتهم سالمين غانمين ‌ان‌ اشكرك ‌حق‌ الشكر قال: فما لبثوا ‌ان‌ جاووا كذلك.
 فقال رسول الله ص: الحمد لله على سابغ نعم الله.
 2- ‌و‌ ‌فى‌ الحديث ‌ان‌ بغله لابى جعفر الباقر ع نفرت فيما بين مكه ‌و‌ المدينه فقال: لئن ردها الله على لاشكرنه ‌حق‌ شكره فلما اخذها قال: الحمد لله رب العالمين ثلاث مرات ثم قال ثلاث مرات: شكرا لله...
 
 ‌و‌ للحامد الجنه:
 
 ‌فى‌ الحديث عن النبى قال: ‌من‌ قال: الحمد لله بمحامده كلها ‌ما‌ علمنا منها ‌و‌ ‌ما‌ لم نعلم على كل حال، حمدا يوازى نعمه ‌و‌ يكافى مزيده على ‌و‌ على جميع خلقه قال الله تبارك ‌و‌ تعالى: بالغ عبدى ‌فى‌ رضاى ‌و‌ انا مبلغ عبدى رضاه ‌من‌ الجنه.
 
 شكر كل يوم:
 
 - عن ابى عبد الله ع قال: ‌من‌ قال اربع مرات اذا اصبح »الحمد لله رب العالمين« فقد ادى شكر يومه ‌و‌ ‌من‌ قالها اذا امسى فقد ادى شكر ليلته...
 - ‌و‌ ‌فى‌ الحديث كان النبى ص اذا اصبح ‌و‌ طلعت الشمس يقول:
 الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا على كل حال يقولها ثلاثمايه ‌و‌ ستين مره شكرا...
 
 مع الدعاء:
 
 الحمد لله الاول بلا اول كان قبله ‌و‌ الاخر بلا آخر يكون بعده.
 ‌فى‌ مجريات الامور الخارجيه ‌و‌ كما ‌هو‌ المعروف ‌فى‌ عالم الحقيقه ‌و‌ الواقع بالنسبه الى الكون ‌و‌ المخلوقات ‌و‌ ‌ما‌ فيها اننا عندما نقول هذا اول نقارنه بغيره ‌من‌ الزمان ‌و‌ المكان ‌و‌ الاشياء ‌و‌ تكون اوليته بالنسبه الى ذلك الغير صحيحه ‌و‌ واقعيه هذا كله يصح ‌و‌ يصدق- ‌فى‌ ‌حق‌ غير الله- عندما تكون الاشياء متعدده ‌و‌ نقارنها ببعضها، ‌و‌ اما ‌فى‌ ‌حق‌ الله فلا يصح ‌ان‌ نصفه بالاوليه بهذا المعنى فهو كان ‌و‌ لم يكن معه احد، كان ‌و‌ لم يكن زمان ‌و‌ ‌لا‌ مكان ‌و‌ ‌لا‌ شى ء ‌من‌ الوجود ‌و‌ الموجود، فاوليته تعنى انه القديم الازلى ‌و‌ آخريته ليس بمعنى انه ينتهى آخر الاشياء، بل تنتهى الاشياء ‌و‌ ‌هو‌ باق سرمدى ابدى كان ‌و‌ لم يكن شى ء ‌و‌ باق بعد فناء كل شى ء...
 
رجل ‌و‌ ‌هو‌ رافع بصره الى السماء يدعو فقال له النبى ص: غض بصرك فانك لن تراه...
 2- ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن عاصم ‌بن‌ حميد قال: ذاكرت ابا عبدالله ع فيما يروونه ‌من‌ الرويه.
 فقال: الشمس جزء ‌من‌ سبعين جزءا ‌من‌ نور الكرسى ‌و‌ الكرسى جزء ‌من‌ سبعين جزءا ‌من‌ نور العرش ‌و‌ العرش جزء ‌من‌ سبعين جزءا ‌من‌ نور الحجاب، ‌و‌ الحجاب جزء ‌من‌ سبعين جزءا ‌من‌ نور الستر، فان كانوا صادقين فليملووا اعينهم ‌من‌ الشمس ليس دونها سحاب.
 ‌و‌ لما كان ‌فى‌ المسلمين ‌من‌ يقول بهذا القول الشنيع قام الائمه ببيان الحقيقه ‌و‌ ابطال ‌ما‌ ذهب اليه اولئك القوم.
 قال صفوان ‌بن‌ يحيى قال سالنى ابو قره المحدث ‌ان‌ ادخله على ابى الحسن الرضا فاستاذنته ‌فى‌ ذلك فاذن لى، فدخل عليه فساله عن الحلال ‌و‌ الحرام ‌و‌ الاحكام حتى بلغ سواله التوحيد.
 فقال ابو قره: انا روينا ‌ان‌ الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ قسم الرويه ‌و‌ الكلام بين اثنين فقسم لموسى ع الكلام ‌و‌ لمحمد ص الرويه.
 فقال ابو الحسن: فمن المبلغ عن الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ الى الثقلين الجن ‌و‌ الانس: ‌لا‌ تدركه الابصار ‌و‌ ‌هو‌ يدرك الابصار. ‌و‌ ‌لا‌ يحيطون ‌به‌ علما. ‌و‌ ليس كمثله شى ء اليس محمدا ص؟
 قال: بلى.
 قال: فكيف يجيى ء رجل الى الخلق جميعا فيخبرهم انه جاء ‌من‌ عند الله ‌و‌ انه يدعوهم الى الله بامر الله بامر الله ‌و‌ يقول: ‌لا‌ تدركه الابصار ‌و‌ ‌هو‌ يدرك الابصار. ‌و‌ ‌لا‌ يحيطون بشى ء ‌من‌ علمه. ‌و‌ ليس كمثله شى ء.
 ثم يقول: انا رايته بعينى، ‌و‌ احطت ‌به‌ علما ‌و‌ ‌هو‌ على صوره البشر، اما تستحيون ‌ما‌ قدرت الزنادقه ‌ان‌ ترميه بهذا ‌ان‌ يكون ياتى عن الله بشى ء ثم ياتى بخلافه ‌من‌ وجه آخر...
 
فادق العقول ‌و‌ ارقها ‌و‌ احذقها ‌و‌ اشدها عاجزه عن وصف الله على حقيقته لان وصف الشى ء فرع الوقوف على حقيقته ‌و‌ كنهه، ‌و‌ الله ‌لا‌ تدرك كنهه العقول ‌و‌ ‌لا‌ تحيط ‌به‌ الافكار فمهما جئت بتوصيفه تبقى قاصرا ‌و‌ تقف عاجزا قال تعالى: ‌و‌ ‌لا‌ يحيطون ‌به‌ علما.
 ‌و‌ قال اميرالمومنين: ‌لا‌ تقدر عظمه الله على قدر عقلك فتكون ‌من‌ الهالكين ‌و‌ قال رسول الله ص: ‌ان‌ الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار ‌و‌ ‌ان‌ الملا الاعلى يطلبونه كما تطلبونه انتم ‌و‌ لما كانت صفات الله هى عين ذاته فلا ‌بد‌ ‌و‌ ‌ان‌ يعجز اللسان عن وصفها ‌و‌ الاحاطه بها ‌و‌ الوقوف على حقيقتها ‌و‌ ‌ما‌ ورد ‌من‌ صفات ثبوتيه ‌او‌ سلبيه فانما هى كما يقولون على قدر افهام الناس ‌و‌ استيعابهم ‌و‌ طاقتهم الفكريه ‌و‌ الانسان يصف الامور بمشاهداته ‌و‌ ‌ما‌ وقف عليه ‌فى‌ حياته ‌او‌ اخترعته مخيلته ‌و‌ ساعده عليه ‌و‌ همه ‌و‌ هذا كله ‌لا‌ يحيط ابدا بمعرفه صفات الله الحقيقيه ‌و‌ الوقوف عليها كما هى ‌و‌ لذا قال الامام الباقر ع: »هل سمى الله عالما قادرا الا لانه وهب العلم للعلماء ‌و‌ القدره للقادرين ‌و‌ كل ‌ما‌ ميز تموه باوهامكم ‌فى‌ ادق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلكم مردود اليكم ‌و‌ البارى تعالى واهب الحياه ‌و‌ مقدر الموت ‌و‌ لعل النمل الصغار تتوهم ‌ان‌ لله زبانيتين ‌اى‌ قرنين فانهما كمالها ‌و‌ تتصور ‌ان‌ عدمهما نقصان لمن ‌لا‌ يكونان له ‌و‌ لعل حال كثير ‌من‌ العقلاء كذلك فيما يصفون الله تعالى ‌به‌ سبحان ربك رب العزه عما يصفون...
 
 ‌و‌ له الاسماء الحسنى:
 
 قال تعالى: ‌و‌ لله الاسماء الحسنى فادعوه بها ‌و‌ ذروا الذين يلحدون ‌فى‌ اسمائه سيجزون ‌ما‌ كانوا يعملون.
 ‌و‌ الحسنى مونث احسن ‌و‌ ‌هو‌ يدل على ‌ما‌ كان فيه معنى وصفى ‌و‌ ‌ما‌ كان احسن بالنسبه الى غيره فكل اسم فيه معنى كمالى يرفع النقص عن الله فهو ‌من‌ الاسماء الحسنى.
 
ق- القوى، القدوس، القيوم، القهار، القريب، القادر، القدير، قابل التوب، القائم على كل نفس بما كسبت.
 ك- الكبير، الكريم، الكافى.
 ل- اللطيف.
 م- الملك، المومن، المهيمن، المتكبر، المصور، المجيد، المجيب، المبين، المولى، المحيط، المقيت، المتعال، المحيى، المتين، المقتدر، المستعان، المبدى، مالك الملك.
 ن- النصير، النور.
 ه- الهادى.
 و- الوهاب، الواحد، الولى، الوالى، الواسع، الوكيل، الودود.
 ‌و‌ ‌فى‌ كتاب التوحيد للصدوق باسناده عن الصادق ع عن آبائه عن رسول الله قال: ‌ان‌ لله تبارك ‌و‌ تعالى تسعه ‌و‌ تسعين اسما مائه الا واحدا ‌من‌ احصاها دخل الجنه ‌و‌ هى:
 الله، الواحد، الاحد، الصمد، الاول، الاخر، السميع، البصير، القدير، القاهر، العلى، الاعلى، الباقى، البديع، البارى ء، الاكرم، الظاهر، الباطن، الحى، الحكيم، العليم، الحليم، الحق، الحفيظ، الحسيب، الحميد، الخفى، الرب، الرحمن، الرحيم، الذارى، الرزاق، الرقيب، الرووف، الرائى، السلام، المومن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، السبوح، الشهيد، الصادق، الصانع، الطاهر، العدل، العفو، الغفور، الغنى، الغياث، الفاطر، الغرو، الفتاح، الفالق، القديم، الملك، القدوس، القوى، القريب، القيوم، القابض، الباسط، قاضى الحاجات، المجيد، المولى، المنان، المحيط، المبين، المقيت، المصور، الكريم، الكبير، الكافى، كاشف الغر، الوتر، النور، الوهاب، الناصر، الواسع، الودود، الهادى، الوافى، الوكيل، الوارث، البر، الباعث، التواب، الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير الناصرين، الديان، الشكور، العظيم، اللطيف، الشافى.
 
قال بعض المحققين ‌ان‌ هذا الحصر هنا ‌لا‌ ينافى زيادتها كما ورد ‌فى‌ الكتاب ‌و‌ السنه اما لاختصاصها بان ‌من‌ يعرفها يدخل الجنه ‌و‌ استجابه الدعاء ‌او‌ لامتيازها عن سائر الاسماء بمزيد فضل لجمعها معان تنبى ء عن جلال الله ‌و‌ عظمته...
 
 الاسم الاعظم:
 
 ‌و‌ الاسم الاعظم الذى اذا عرفه انسان استطاع ‌ان‌ يقلب العالم ‌و‌ يغير الموازين ليس ‌هو‌ مجرد اسم مركب ‌من‌ حروف اذا دعى ‌به‌ الانسان تحقق مطلوبه بل ‌هو‌ الانقطاع لله فيما يريد ‌من‌ الامور فاذا انقطع عن كل سبب ‌و‌ عله ‌و‌ انفرد بالاخلاص لله ‌و‌ توجه اليه بالدعاء نحو المطلوب استجاب الله دعاءه ‌و‌ تحقق مطلوبه فمن كان فقيرا ‌و‌ انقطع الى الله ‌و‌ تخلى عن الناس جميعا ثم دعى الله استجاب دعاءه ‌و‌ لبى دعوته...
 
قصر عن الشى ء: ‌كف‌ عنه ‌و‌ تركه مع العجز ‌و‌ قصر السهم عن الهدف لم يبلغه.
 عجز عن الشى ء: لم يقتدر عليه.
 النعت: الوصف ‌و‌ اغلب ‌ما‌ يستعمل للوصف بما حسن ‌و‌ طاب.
 اوهام: مفردها ‌و‌ ‌هم‌ ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يتخيله الانسان ‌و‌ يتصوره.
 الذى قصرت عن رويه ابصار الناظرين.
 فالنظر مهما كان سليما ‌و‌ دقيقا ‌لا‌ يستطيع رويه الله لان النظر مخلوق لكى يبصر الاشياء فينبغى لتلك الاشياء ‌ان‌ تتشخص ‌و‌ تتحدد ‌فى‌ جهه ‌و‌ ناحيه ‌و‌ الله سبحانه ‌لا‌ تحدده جهه ‌و‌ ‌لا‌ يتشخص ‌فى‌ مكان... قال سبحانه ‌و‌ تعالى: ‌لا‌ تدركه الابصار ‌و‌ ‌هو‌ يدرك الابصار ‌و‌ ‌هو‌ اللطيف الخبير...
 ‌و‌ قد وقع النفى المطلق لرويه الله ‌فى‌ القرآن ‌و‌ السنه ففى الكتاب الكريم عندما طلب موسى ‌من‌ ربه رويته استجابه لطلب قومه قال الله له لن ترانى... ‌و‌ هى تفيد التابيد ‌و‌ النفى المطلق ‌و‌ اما الاحاديث فهى كثيره:
 1- ففى الحديث عن ابى عبدالله ع قال: مر رسول الله ص على
 
نعم راته القلوب:
 
 ‌و‌ ‌فى‌ حين تعجز العيون عن رويه الله فان العقول ‌و‌ القلوب تدرك وجوده ‌و‌ تومن ‌به‌ تدركه القلوب بحقائق الايمان ‌اى‌ بالادله ‌و‌ البراهين ‌و‌ ‌ما‌ يمتلك الانسان ‌من‌ قوه فكريه يحلل بها القضايا ‌و‌ يربط الامور بعضها ببعض ‌و‌ الاسباب بمسبباتها ‌و‌ العلل بمعلولاتها... هذا الفكر البشرى الذى زود الله ‌به‌ هذا الانسان ‌هو‌ الذى يدرك الله ‌و‌ يومن بوجوده.
 ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ الخبر عن ابى عبدالله ع انه جاء حبر- رجل دين يهودى- الى اميرالمومنين.
 فقال: ‌يا‌ اميرالمومنين هل رايت ربك حين عبدته؟
 فقال: ‌و‌ يلك ‌ما‌ كنت اعبد ربا لم اره.
 قال: ‌و‌ كيف رايته؟
 قال: ‌و‌ يلك ‌لا‌ تدرك العيون ‌فى‌ مشاهده الابصار ‌و‌ لكن راته القلوب بحقائق الايمان.
 ‌و‌ هذا رجل ‌من‌ الخوارج يدخل على ابى جعفر الباقر ع.
 فقال له: ‌يا‌ ابا جعفر ‌اى‌ شى ء تعبد؟
 قال: الله.
 قال: رايته؟
 قال: لم تره العيون بمشاهده العيان، ‌و‌ لكن راته القلوب بحقائق الايمان، ‌لا‌ يعرف بالقياس ‌و‌ ‌لا‌ يدرك بالحواس، ‌و‌ ‌لا‌ يشبه الناس، موصوف بالايات، معروف بالعلامات ‌لا‌ يجور ‌فى‌ حكمه ذلك الله ‌لا‌ اله الا هو.
 فخرج ذلك الرجل ‌و‌ ‌هو‌ يقول: الله اعلم حيث يجعل رسالته...
 فالرويه البصريه مستحيله ‌فى‌ ‌حق‌ العبد لربه...
 ‌و‌ عجزت عن نعته اوهام الواصفين.
 
و قد ذكر ‌فى‌ القرآن مائه ‌و‌ سبعه ‌و‌ عشرون اسما فهل يجب الاقتصار عليها ‌او‌ يجوز اضافه غيرها اليها فيه خلاف ‌و‌ الاحتياط ‌ان‌ نقتصر على خصوص ‌ما‌ ورد ‌و‌ ‌ما‌ ورد ‌من‌ الاسماء هى:
 ا- الاله، الاحد، الاول، الاخر، الاعلى، الاكرم، الاعلم، ارحم الراحمين، احكم الحاكمين، احسن الخالقين، اهل التقوى، اهل المغفره، الاقرب، الابقى.
 ب- البارى ء، الباطن، البديع، البر، البصير.
 ت- التواب.
 ج- الجبار، الجامع.
 ح- الحكيم، الحليم، الحى، الحق، الحميد، الحسيب، الحفيظ، الحفى.
 خ- الخبير، الخالق، الخلاق، الخير، خير الماكرين، خير الرازقين، خير الفاصلين، خير الحاكمين، خير الفاتحين، خير الغافرين، خير الوارثين، خير الراحمين، خير المنزلين.
 ذ- ذو العرش، ذو الطول، ذو الانتقام، ذو الفضل العظيم، ذو الرحمه، ذو القوه، ذو الجلال ‌و‌ الاكرام، ذو المعارج.
 ر- الرحمن، الرحيم، الرووف، الرب، رفيع الدرجات، الرزاق، الرقيب.
 س- السميع، السلام، سريع الحساب، سريع العقاب.
 ش- الشهيد، الشاكر، الشكور، شديد العقاب، شديد المحال.
 ص- الصمد.
 ظ- الظاهر.
 ع- العليم، العزيز، العفو، العلى، العظيم، علام الغيوب، عالم الغيب ‌و‌ الشهاده.
 غ- الغنى، الغفور، الغالب، غافر الذنب، الغفار.
 ف- فالق الاصباح، فالق الحب ‌و‌ النوى، الفاطر، الفتاح.
 
اللغه:
 الابداع: انشاء صنعه بلا احتذاء ‌و‌ اقتداء ‌و‌ منه قيل ركيه بئر بديع ‌اى‌ جديده الحفر ‌و‌ اذا استعمل ‌فى‌ الله تعالى فهو ايجاد الشى ء بغير آله ‌و‌ ‌لا‌ ماده ‌و‌ ‌لا‌ زمان ‌و‌ ‌لا‌ مكان ‌و‌ ليس ذلك الا لله.
 هكذا اورده الراغب ‌فى‌ مفرداته.
 الخلق: الناس.
 ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا ‌و‌ اخترعهم على مشيئه اختراعا.
 ‌و‌ هذه واحده ‌من‌ تلك النعم العظيمه بل هى اعظم النعم ‌و‌ اجلها لانها تتناول اصل الوجود بينما الباقى يتوقف وجوده على وجودها... انها نعمه الخروج ‌من‌ زاويه العدم الى ساحه الوجود ‌و‌ لذا كانت المنه ‌من‌ الله ‌و‌ التذكير بها ‌فى‌ اولى آياته النازله على قلب رسول الله ص حيث قال تعالى: اقرا باسم ربك الذى خلق خلق الانسان ‌من‌ علق انه سبحانه خلق الانسان بقدرته ‌و‌ مشيئته ‌و‌ بكلمه ‌كن‌ كان هذا المخلوق لم يحتج ‌فى‌ عمليه الخلق الى محاكاه لخالق سابق ‌كى‌ يقتدى ‌به‌ ‌او‌ يقتفى اثره، انه سبحانه بحكمته العظيمه خلق الانسان كما اراد ‌و‌ احب دون ‌ان‌ يكون فيه نشاز ‌او‌ مخالفه فترى كل شى ء ‌فى‌ موضعه ‌و‌ ‌فى‌ مكانه المناسب له ‌لا‌ تجد خللا ‌او‌ انحرافا ‌او‌ تهافتا فسبحان الله احسن الخالقين...
 
سلك بهم: ذهب بهم يتعدى بنفسه ‌و‌ بالباء.
 ثم سلك بهم طريق ارادته ‌و‌ بعثهم ‌فى‌ سبيل محبته.
 انهم جاووا كما اراد الله ‌من‌ حيث اللون ‌و‌ الشكل ‌و‌ الطول ‌و‌ القصر ‌و‌ الجمال ‌و‌ القبح ‌و‌ هكذا... انه سبحانه ‌هو‌ الذى خلقهم كما احب...
 ‌و‌ هنا نقول كما ‌لا‌ يمكن الاعتراض على اصل الخلق ‌و‌ الايجاد ‌لا‌ يمكن الاعتراض على كيفيه الخلق، فليس للدميم ‌حق‌ الاحتجاج، ‌و‌ ليس للقصير ‌حق‌ الاعتراض لان هذه الخصوصيات ليست مناطا للثواب ‌و‌ العقاب ‌او‌ لدخول الجنه ‌او‌ النار... ‌او‌ للتفاضل عند الله ‌و‌ القرب منه ‌و‌ انما الاجر ‌و‌ الثواب ‌و‌ القرب ‌و‌ البعد انما يكون على التكاليف الاختياريه التى تقع تحت قدره الانسان ‌و‌ طاقته ‌و‌ يكون مكلفا بها...
 يضاف الى ذلك ‌ان‌ هذه الامور التى ربما ينظر اليها على انها صفات رائعه محببه قد تكون اداه للشر ‌و‌ عنصرا ‌من‌ عناصر الاغراء الذى يقود صاحبه الى النار فتحسبها نعمه ‌و‌ اذا بها نقمه ‌و‌ لذا نجد جمال يوسف كان سبب ابتلائه بامراه العزيز ‌و‌ لولا اعتصامه بالله ‌و‌ ‌ما‌ زوده الله ‌به‌ ‌من‌ العصمه لوقع ‌فى‌ معصيه حرمته الجنه ‌و‌ اصحاب القوه اذا لم يكن لهم رادع ‌من‌ دين ‌او‌ ضمير ربما تعدوا حدودهم ‌و‌ اعتدوا على عباد الله ‌و‌ دخلوا النار... ‌و‌ قارون اعطاه الله المال الكثير فبدلا ‌من‌ الشكر ‌و‌ الطاعه كان البطر ‌و‌ العلو ‌فى‌ الارض حتى خسف الله ‌به‌ ‌و‌ بامواله الارض... ‌و‌ هكذا دواليك...
 فالله سبحانه ‌و‌ تعالى خلق الخلق تكوينا كما اراد واحب، ‌و‌ رسم لكل فرد مشخصاته ‌و‌ خصوصياته فجاءت كما اراد ثم بعثهم تكليفا امرا ‌و‌ زجرا فيما يحب ‌و‌ يكره... فبين لهم طريق الخير ‌و‌ دعاهم اليه ‌و‌ بين لهم طريق الشر ‌و‌ نهاهم عنه... ‌و‌ العاقل ‌هو‌ الذى يختار الطريق الذى يوصله الى الجنه...
 
لا يملكون تاخيرا عما قدمهم اليه ‌و‌ ‌لا‌ يستطيعون تقدما الى ‌ما‌ اخرهم عنه.
 الانسان له موقع معين ‌فى‌ الحياه ‌و‌ مرتبه معينه بين الاحياء ‌و‌ هذا الموقع ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يتقدم عليه ‌او‌ يخرج عنه، فلا يستطيع ‌ان‌ يكون نبيا مهما عمل ‌و‌ تعب لان النبوه مقام رفيع ‌لا‌ يستحقه الا ‌من‌ جبلت طينته على الخير ‌و‌ تجرد عن كل ميل ‌او‌ هوى ‌و‌ كان ‌فى‌ طبيعته استعداد لتلقى الفيض الالهى لهذه المرتبه العظيمه فمن امتلك ناصيه العصمه افاض عليه رحمته... كما ‌ان‌ ‌من‌ امتلك عقلا ‌و‌ دينا وعد ‌فى‌ جمله بنى آدم ‌و‌ ‌من‌ البشر ‌لا‌ يستطيع ‌ان‌ يتحول الى حيوان مفترس يتجرد عن انسانيته ‌و‌ اخلاقه ‌و‌ ادبه... فكل فرد يتمتع بخاصيه خاصه هى التى تحكمه ‌و‌ تلزمه بموقعه المعين ‌و‌ اسلوبه المعين، فالكرم جبله ‌لا‌ يستطيع الكريم ‌ان‌ يتخلى عنه، ‌و‌ الشجاعه خاصيه ‌لا‌ يستطيع ‌ان‌ يتخلى عنها الشجاع هذا تفسيرنا لهذه العباره ‌و‌ هناك لبعض العلماء الذين تعرضوا لشرح الصحيفه راى آخر ننقله لعله يقع تحت اختيار القارى ء الكريم.
 يقول رحمه الله: المراد بما قدمهم اليه ‌ما‌ امرهم ‌به‌ وحثهم على فعله ‌و‌ المراد بما اخرهم عنه ‌ما‌ نهاهم عن فعله ‌و‌ الزمهم بتركه ‌و‌ المعنى ‌ان‌ التشريع ‌و‌ التحليل ‌و‌ التحريم وحده لله ‌و‌ ‌لا‌ شى ء منه للفرد ‌او‌ لايه فئه ‌او‌ هيئه...
 
اللغه:
 الروح: النفس ‌و‌ الشخص.
 القوت: بالضم ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ يقوم ‌به‌ بدن الانسان ‌من‌ الطعام ‌و‌ عن ابن فارس ‌و‌ الازهرى، القوت، ‌ما‌ يوكل ليمسك الرمق.
 ‌و‌ هذه نعمه تستحق الحمد ‌و‌ الشكر فلكل انسان رزقه الخاص الذى تكفل الله ‌به‌ بحيث ‌لا‌ يستطيع احد ‌ان‌ يزيده ‌او‌ ينقصه بل كل نفس ستاكل رزقها قهرا عن كل احد مهما كان كبيرا ‌و‌ جبارا ‌و‌ يجدر بنا ‌ان‌ نمر على موضوع الرزق لما فيه ‌من‌ الفائده.
 
 ‌ما‌ ‌هو‌ الرزق:
 
 عرفه الشيخ الصدوق ‌فى‌ توحيده: كل ‌ما‌ مكننا الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌من‌ الانتفاع ‌به‌ ‌و‌ لم يجعل لاحد منعنا منه فقد رزقناه ‌و‌ جعله رزقا لنا ‌و‌ كل ‌ما‌ لم يمكننا الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌من‌ الانتفاع ‌به‌ ‌و‌ جعل لغيرنا منعنا منه فلم يرزقناه ‌و‌ ‌لا‌ جعله رزقا لنا.
 ‌و‌ الرزق ‌فى‌ العرف معروف ‌و‌ ‌هو‌ كل ‌ما‌ يحصل عليه الانسان مما يتغذى ‌به‌ ‌و‌ ربما توسعوا فيه ليشمل المقام الرفيع ‌و‌ الشرف ‌و‌ المنزله الاجتماعيه.
 ‌و‌ لكن ينبغى ‌ان‌ يحصر الرزق ‌فى‌ خصوص ‌ما‌ ينتفع ‌به‌ ‌فى‌ الاكل ‌و‌ يقيم الاود ‌و‌ ‌ما‌ زاد فليس ‌من‌ الرزق...
 
 الرزاق ‌هو‌ الله:
 
 لقد تكفل الله بالرزق لكل نفس ‌فى‌ هذا الكون ‌و‌ انفرد سبحانه بهذا الرزق ‌و‌ حصره فيه جلت قدرته ‌و‌ لم يجعل رزق احد ‌من‌ عباده بيد احد ‌من‌ خلقه.
 قال تعالى: ‌ان‌ الله ‌هو‌ الرزاق ذو القوه المتين.
 ‌و‌ قال تعالى: ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ دابه ‌فى‌ الارض الا على الله رزقها ‌و‌ يعلم مستقرها ‌و‌ مستودعها كل ‌فى‌ كتاب مبين.
 فقوله على الله رزقها نص صريح على انه سبحانه اخذ على نفسه ‌ان‌ يرزق كل دابه ‌فى‌ الارض ‌و‌ الدابه اسم لما يدب على الارض فيشمل الانسان ‌و‌ الحيوان ‌و‌ الحشرات ‌و‌ كل شى ء له روح.
 ‌و‌ ‌لا‌ حرج ‌فى‌ ‌ان‌ يجعل لغيره حقا عليه اذا كان ‌هو‌ الجاعل لذلك الحق ‌و‌ قد ورد قوله تعالى: كتب على نفسه الرحمه...
 ‌و‌ العقل يويد كون الرزق بيده سبحانه لانه سبحانه افاض الوجود على هذا الانسان ‌و‌ خلقه ‌من‌ العدم فلا يمكن ‌ان‌ يترك الافاضه عليه بما يديم وجوده ‌من‌ الرزق.
 
 الحرام ليس رزقا:
 
 ‌و‌ قد اخطا بعض الناس ‌و‌ ساروا خلف ‌ما‌ يدعيه العصاه ‌من‌ ‌ان‌ الحرام يعد رزقا فاذا امتدت يد احدهم الى مال الغير ‌و‌ استطاع ‌ان‌ يسلبه منه عد ذلك ‌من‌ الرزق ‌و‌ قال لقد رزقنى الله هذا المال...
 ‌و‌ هذا الحرام ‌لا‌ يعد ‌فى‌ نظر الله ‌و‌ نظر الشرع الشريف رزقا بل ‌هو‌ مال حرام ‌لا‌ يجوز للمسلم ‌ان‌ يبنى على ملكيته ‌و‌ ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يدخله تحت يده بل يجب رده الى اصحابه ‌و‌ عدم كونه رزقا ‌من‌ حيث انه سبحانه ‌و‌ تعالى اخذ على نفسه ‌ان‌ يرزق الناس ‌و‌ ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يرزقهم ‌من‌ الحرام ثم يعاقبهم عليه.
 ‌و‌ بعباره اخرى ‌ان‌ الرزق على نحوين: رزق عام لكل نفس حيه، المومن ‌و‌ الكافر، المطيع ‌و‌ العاصى، الانسان ‌و‌ الحيوان ‌و‌ هذا قد تكفل الله ‌به‌ لانه مما يحفظ ‌به‌ اصل وجود الحياه.
 ‌و‌ هناك رزق خاص ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ كان للمومنين عن طريق الحلال.
 
 ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ السعى:
 
 ‌و‌ اذا كان الله قد تكفل برزق عباد فليس معنى ذلك ‌ان‌ يسترخى العبد ‌و‌ يكف نفسه عن السعى ‌و‌ العمل بل الله ‌هو‌ الذى امر بالعمل ‌و‌ حث عليه فقال: فامشوا ‌فى‌ مناكبها ‌و‌ كلوا ‌من‌ رزقه ‌و‌ اليه النشور ‌و‌ قال تعالى: ‌و‌ ‌ان‌ ليس للانسان الا ‌ما‌ سعى....
 ‌و‌ رسول الله ص ‌هو‌ القائل: العباده سبعون جزءا افضلها طلب الحلال.
 ‌و‌ الامام الصادق ع ‌هو‌ القائل: الكاد على عياله كالمجاهد ‌فى‌ سبيل الله.
 فعلى الانسان ‌ان‌ ياخذ بالاسباب المامور بها ‌و‌ اذا تخلى عنها يكون قد تخلى عن امر الله ‌و‌ اخطا المسير المامور ‌به‌ ‌و‌ ‌من‌ هنا عندما قال احدهم لاقعدن ‌فى‌ بيتى ‌و‌ ‌لا‌ صومن ‌و‌ لاعبدن ربى فاما رزقى فسياتينى قال له الامام الصادق: هذا احد الثلاثه الذين ‌لا‌ يستجاب لهم....
 ‌و‌ قد عرف عن رسول الله ‌و‌ ائمه الهدى ‌و‌ الصالحين ‌من‌ المسلمين انهم كانوا يسعون ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ يجتهدون ‌فى‌ سبيل تحصيلها ‌و‌ يتعبون ‌من‌ اجل لقمه العيش...
 نعم على المسلم ‌ان‌ ياخذ بالاسباب ‌و‌ الله بعد ذلك ‌هو‌ الرزاق، عليه ‌ان‌ يعمل ‌و‌ ‌لا‌ يكون مقصرا فيما طلب منه ‌و‌ امر به.
 
 الرزق رزقان:
 
 ‌و‌ الرزق رزقان...
 رزق يحتاج الى السعى ‌و‌ العمل للحصول عليه ‌و‌ ‌هو‌ ‌ما‌ امرنا بالسعى ‌من‌ اجله ‌و‌ ‌هو‌ اوضح انواع الرزق ‌و‌ المتعارف بين الناس، ‌و‌ الحياه قائمه على هذا النحو ‌من‌ الرزق فنرى النمله تتحرك ‌فى‌ طلب رزقها ‌و‌ نرى الدابه تبحث عن رزقها ‌و‌ نرى كل حيوان يسعى ‌و‌ يتحرك ‌من‌ اجل رزقه ‌و‌ هكذا الانسان ايضا يتحرك ‌فى‌ الحياه ‌من‌ اجل الرزق ‌و‌ هذا مرهون باسبابه ‌من‌ الحركه ‌و‌ السعى...
 ‌و‌ هناك رزق ‌هو‌ يبحث عنك ‌و‌ يطلبك، فانت تبحث عنه ‌فى‌ جهه ‌و‌ اذا ‌به‌ ياتيك ‌من‌ جهه اخرى ليست ‌فى‌ منظورك ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ خاطرك... ياتيك ميراث ‌لا‌ يحتسب ‌و‌ هديه بدون حساب ‌و‌ تعثر على كنز بينما تبحث عن ضاله ‌او‌ تحرث الارض... ‌و‌ الامام على ‌فى‌ وصيته لولده الامام الحسن يقول له: ‌و‌ اعلم ‌يا‌ بنى ‌ان‌ الرزق رزقان رزق تطلبه ‌و‌ رزق يطلبك...
 
 الرزق ‌فى‌ السنه:
 
 1- ورد ‌فى‌ السنه الشريفه ‌ان‌ الانسان اذا اعتدى على الناس ‌و‌ امتدت يده الى اموالهم ظلما ‌و‌ عدوانا لم يعد ذلك ‌من‌ الرزق ‌و‌ مع ذلك يقتص بقدره ‌من‌ الرزق الحلال الذى كان الله قد قدره له فالله الذى قدر لك رزقا معينا اذا لم تطعه ‌فى‌ الحلال ‌و‌ تجاوزته الى الحرام اقتص منك ‌من‌ الحلال ‌و‌ حوسبت على الحرام ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن ابى جعفر ع قال: قال رسول الله ص ‌فى‌ حجه الوداع: الا ‌ان‌ الروح الامين نفث ‌فى‌ روعى انه ‌لا‌ تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله ‌و‌ اجملوا ‌فى‌ الطلب ‌و‌ ‌لا‌ يحملنكم استبطاء شى ء ‌من‌ الرزق ‌ان‌ تطلبوه بشى ء ‌من‌ معصيه الله فان الله تعالى قسم الارزاق بين خلقه حلالا ‌و‌ لم يقسمها حراما فمن اتقى الله ‌و‌ صبر اتاه رزقه ‌من‌ حله، ‌و‌ ‌من‌ هتك حجاب ستر الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ‌و‌ اخذ ‌من‌ غير حله قص ‌به‌ ‌من‌ رزقه الحلال ‌و‌ حوسب عليه...
 2- ‌و‌ ‌فى‌ الكافى عن ابى عبدالله قال: كان اميرالمومنين ع كثيرا ‌ما‌ يقول: اعلموا علما يقينا ‌ان‌ الله ‌جل‌ ‌و‌ ‌عز‌ لم يجعل للعبد ‌و‌ ‌ان‌ اشتد جهده ‌و‌ عظمت حيلته ‌و‌ كثرت مكايده ‌ان‌ يسبق ‌ما‌ سمى له ‌فى‌ الذكر الحكيم، ايها الناس انه لن يزداد امرو نقيرا بحذقه، ‌و‌ لن ينقص امرو نقيرا لحمقه فالعالم بهذا العامل ‌به‌ اعظم الناس راحه ‌فى‌ منفعته ‌و‌ العالم بهذا التارك له اعظم الناس شغلا ‌فى‌ مضرته ‌و‌ رب منعم عليه مستدرج بالاحسان اليه ‌و‌ رب مغرور ‌فى‌ الناس مصنوع له.
 3- ‌و‌ الامام الباقر يسعى.
 ‌و‌ الامام محمد الباقر يعلمنا ‌ان‌ السعى ‌فى‌ سبيل العمل شرف عظيم ‌و‌ ‌ان‌ ‌من‌ مات ‌فى‌ هذا الطريق مات على طاعه ‌من‌ طاعات الله...
 انه درس رائع يدفع المومنين الى العمل ‌و‌ النشاط ‌و‌ الجد ‌و‌ الاجتهاد.
 ‌فى‌ الكافى عن ابى عبدالله ع قال: ‌ان‌ محمد ‌بن‌ المنكدر كان يقول: ‌ما‌ كنت اظن ‌ان‌ على ‌بن‌ الحسين يدع خلفا افضل منه حتى رايت ابنه محمد ‌بن‌ على فاردت ‌ان‌ اعظه فوعظنى فقال له اصحابه: باى شى ء ‌و‌ عظك؟
 فقال: خرجت الى بعض نواحى المدينه ‌فى‌ ساعه حاره فلقينى ابو جعفر محمد ‌بن‌ على ‌و‌ كان رجلا بادنا ثقيلا ‌و‌ ‌هو‌ متكى ء على غلامين اسودين ‌او‌ موليين فقلت ‌فى‌ نفسى: سبحان الله شيخ ‌من‌ اشياخ قريش ‌فى‌ هذه الساعه على مثل هذه الحاله ‌فى‌ طلب الدنيا اما انى لاعظنه.
 فدنوت منه ‌و‌ سلمت عليه فرد على بنهر ‌و‌ ‌هو‌ ينصاب عرقا.
 فقلت: اصلحك الله شيخ ‌من‌ اشياخ قريش ‌فى‌ هذه الساعه على هذه الحاله ‌فى‌ طلب الدنيا ارايت لو جاء اجلك ‌و‌ انت على هذه الحال؟
 فقال: لو جاءنى الموت ‌و‌ انا على هذه الحال جاءنى ‌و‌ انا ‌فى‌ طاعه ‌من‌ طاعه الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ اكف بها نفسى ‌و‌ عيالى عنك ‌و‌ عن الناس ‌و‌ انما كنت اخاف ‌ان‌ جاءنى الموت ‌و‌ انا على معصيه ‌من‌ معاصى الله.
 فقلت: صدقت يرحمك الله اردت الله اعظك فوعظتنى...
 
الاثر: الاجل ‌و‌ منه قولهم: قطع اثره ‌اى‌ اجله لان ‌من‌ مات لم يبق له اثر.
 استوعبه: استقصاه ‌و‌ اخذه جميعه.
 قبضه: اماته.
 ندبه الى شى ء: دعاه اليه.
 الموفور: الكامل التام، ‌و‌ الوفر المال.
 ثم ضرب له ‌فى‌ الحياه اجلا موقوتا ‌و‌ نصب له امدا محدودا.
 فالله الذى خلق هذا الانسان جعل لعمره ‌فى‌ هذه الحياه نهايه يتوقف العد عندها... انه العمر المحدود الى سن معين قد يقضى هذا الشوط ‌من‌ الحياه الدنيا بيوم واحد ‌و‌ قد يقضيه بعشر سنوات ‌و‌ قد يكون مائه سنه ‌و‌ قد يكون اكثر، فالمهم ‌ان‌ له نهايه ينتهى عندها يعلمها الله علام الغيوب انه يتخطى اليه ‌اى‌ يمشى الى الاجل الموقوت ‌و‌ اليوم الموعود ‌و‌ ‌هو‌ الموت بايام عمره ‌و‌ يرهقه باعوام دهره فان هذا الاجل يصل اليه بهذه الايام التى يقضيها، فالايام خطى تتحرك ‌و‌ يمضى مع كل خطوه بعض هذا العمر حتى يصل الى الاجل الموقوت المحدود ‌و‌ كذلك السنون ‌من‌ عمر الانسان تمشى سنه بعد اخرى حتى يصل الانسان الى خاتمه عمره ‌و‌ نهايه الشوط المحدد له... حتى اذا بلغ اقصى اثره ‌و‌ استوعب حساب عمره ‌اى‌ اذا وصل الى نهايه العمر المحدود له ‌و‌ استكمل العمر كله فلم يبق الا ‌ان‌ يحصد ‌ما‌ زرع ‌فى‌ ايام العمر ‌و‌ يجنى ‌ما‌ غرسه ‌فى‌ هذه الحياه المحدوده فقبضه توفاه الله ‌و‌ بالوفاه سيصل الى النتيجه التى وعده الله بها سيصل الى ‌ما‌ ندبه اليه ‌من‌ موفور ثوابه ‌او‌ محذور عقابه فالله قد ندبه الى القيام بالواجبات ‌و‌ عمل المستحبات ‌و‌ ممارسه الاخلاق ‌و‌ الاداب ‌و‌ نتيجه ذلك كله الجنه التى هى مطمح العقلاء ‌و‌ اما اذا كان قد مارس ‌فى‌ حياته المحرمات فارتكب الفواحش ‌و‌ قتل الابرياء ‌و‌ ترك الواجبات ‌و‌ اعتدى على الناس ‌و‌ انتهك الحرمات فهذا الى النار التى هى عاقبه العصاه ‌و‌ المتمردين ‌و‌ ذاك الى الجنه فهذه مواقع معده لكل فريق بحسب استحقاقه ليجزى الذين اساووا السو ‌اى‌ فعلوا القبيح بالنار ‌و‌ العذاب ‌و‌ الهوان بما عملوا ‌من‌ المعاصى ‌و‌ الاثام ‌و‌ يجزى الذين احسنوا باقامه العدل ‌و‌ الحق ‌و‌ محق الظلم ‌و‌ الجور ‌و‌ تنفيذ امر الله يجزيهم بالحسنى ‌و‌ هى الجنه ‌و‌ ‌ما‌ فيها ‌من‌ نعيم...
 
اللغه:
 ضرب له: قدر له ‌و‌ قرر.
 الموقوت: المحدود باوقات معينه.
 نصب الشى ء: وضعه.
 الامد: مده لها ‌حد‌ مجهول اذا اطلق ‌و‌ قد ينحصر نحو قولنا امد كذا كما يقال زمان كذا.
 تخطى الى كذا: تجاوزه ‌و‌ سبقه.
 يرهقه: يغشاه ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يحمل الانسان ‌ما‌ ‌لا‌ يطيق.
 الدهر: الزمان.
 بلغ: وصل.
 اقصى الشى ء: منتهاه.
 
تقدست: تطهرت.
 تظاهرت: ترادفت ‌او‌ ظهرت ‌و‌ بانت.
 الالاء: النعم.
 عدلا منه تقدست اسماوه فان مقتضى العدل ‌ان‌ ‌لا‌ يستوى المحسن ‌و‌ المسى ء ‌و‌ المطيع ‌و‌ العاصى كما قال تعالى: افمن كان مومنا كمن كان فاسقا ‌لا‌ يستوون ‌و‌ تظاهرت آلاوه كثرت نعمه ‌و‌ ترادفت واحده بعد اخرى ‌لا‌ يسال عما يفعل ‌و‌ ‌هم‌ يسالون لان الذى يسال ‌هو‌ الضعيف الخاطى ء الذى يتعثر ‌فى‌ عمله ‌و‌ يعصى ‌فى‌ فعله ‌و‌ سلوكه.
 اما الله القوى الحكيم الذى ‌لا‌ يفعل الا الاصلح ‌و‌ الاحسن يمقتضى حكمته ‌و‌ الكون كله فيض جوده ‌و‌ عطاء يمينه فلا يسال عما يفعل ‌فى‌ ملكه ‌و‌ ‌هو‌ المالك المطلق المتفضل.
 
الانسان يتصرف بهذه النعم ‌و‌ يرفل فيها ‌و‌ يعيش ‌فى‌ بحبوحه واسعه ‌من‌ الرزق دون ‌ان‌ يودى شكره ‌و‌ حمده ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ ‌و‌ ‌ان‌ تكون نتيجه ذلك ‌ان‌ يخرج عن حدوده الانسانيه ‌و‌ البشريه التى امتاز بها عن سائر مخلوقات الله ‌و‌ يدخل مع البهائم التى ‌لا‌ تملك فكرا ‌و‌ ‌لا‌ عقلا بل تتصرف بغريزتها ‌و‌ تبحث عن ماكلها ‌و‌ مشربها ‌و‌ ليس لها وراء ذلك هدف ‌او‌ غايه تسعى اليها... بل هذا الانسان اذا غفل عن اداء شكر هذه النعم كان احط ‌من‌ الانعام ‌و‌ اضل منها لان الانعام لم تعط آله المعرفه ‌و‌ التميز فلا تلحقها المذمه بينما هذا الانسان اعطاه الله آله المعرفه ‌و‌ التميز فضيعها ‌و‌ لم ينتفع بها، ‌و‌ لان الانعام ‌و‌ ‌ان‌ لم تكن مطيعه، لم تكن عاصيه ‌و‌ هذا الانسان عاص فهو اسوا حالا منها...
 ‌و‌ لكن ‌و‌ لله الحمد ‌و‌ المنه انه زود هذا الانسان بماده المعرفه التى توصله الى حمده ‌و‌ بذلك حافظ على انسانيته ‌و‌ قيمتها ‌و‌ لم ينحدر الى المستنقعات الاسنه ‌او‌ يلتحق بركب الحيوانات الصامته...
 ‌و‌ الامام زين العابدين يريد ‌ان‌ يلفت نظر الانسان الى هذه النعمه لكى تتخذ طريقها الى معرفه الله ‌و‌ اداء شكره على نعمه...
 
 شكر المنعم:
 
 ‌و‌ ‌من‌ الامور الواضحه ‌فى‌ العقول ‌ان‌ ‌من‌ انعم عليك ‌و‌ احسن اليك وجب عليك شكره ورد الجميل اليه ‌و‌ الاحسان الى مقامه ‌و‌ ‌من‌ قام بذلك ادى ‌حق‌ الانعام ‌و‌ ‌من‌ لم يقم بذلك فقد قصر ‌و‌ لامه العقلاء ‌و‌ ذمته العقول ورمته بالعيب ‌و‌ قبح السلوك فمن افاض عليك بالرزق ‌و‌ المال ‌و‌ قدم اليك ‌ما‌ يرفع حاجتك ثم لم ترفع اليه كلمه شكر فقد اسات ‌و‌ اخطات ‌و‌ ذمتك العقول...
 ‌و‌ الله سبحانه قد انعم علينا باصل وجودنا ‌و‌ بكل موجود عندنا فيجب ‌ان‌ يقابل بالشكر ‌و‌ شكره بما يناسب شانه ‌و‌ ‌ما‌ يناسبه انما ‌هو‌ طاعته فيما امر ‌و‌ البعد عما نهى.
 
اللغه:
 ابلاهم: اختبرهم ليعرف حقيقتهم.
 المنن: مفردها منه ‌و‌ هى النعمه العظيمه.
 اسبغ سبوغا العيش: اتسع ‌و‌ كان رغدا ‌و‌ اسبغ عليه النعمه اتمها ‌و‌ وسعها.
 تظاهرت: بانت ‌و‌ ظهرت ‌و‌ علت.
 البهيمه: جمعها بهائم ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ ‌لا‌ يميز ‌من‌ الحيوان.
 الانعام: يقال للابل ‌و‌ البقر ‌و‌ الغنم.
 ‌و‌ الحمد لله الذى لو حبس....
 هذه احدى المفردات التى تستحق الحمد، انها نعمه المعرفه على الشكر التى زود الله بها هذا الانسان الضعيف الصغير فاضحى بها كبيرا قويا.
 لو لم يهده الى معرفه حمده على نعمه الظاهره المتتابعه لكان هذا
 
الانسان يتصرف بهذه النعم ‌و‌ يرفل فيها ‌و‌ يعيش ‌فى‌ بحبوحه واسعه ‌من‌ الرزق دون ‌ان‌ يودى شكره ‌و‌ حمده ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ ‌و‌ ‌ان‌ تكون نتيجه ذلك ‌ان‌ يخرج عن حدوده الانسانيه ‌و‌ البشريه التى امتاز بها عن سائر مخلوقات الله ‌و‌ يدخل مع البهائم التى ‌لا‌ تملك فكرا ‌و‌ ‌لا‌ عقلا بل تتصرف بغريزتها ‌و‌ تبحث عن ماكلها ‌و‌ مشربها ‌و‌ ليس لها وراء ذلك هدف ‌او‌ غايه تسعى اليها... بل هذا الانسان اذا غفل عن اداء شكر هذه النعم كان احط ‌من‌ الانعام ‌و‌ اضل منها لان الانعام لم تعط آله المعرفه ‌و‌ التميز فلا تلحقها المذمه بينما هذا الانسان اعطاه الله آله المعرفه ‌و‌ التميز فضيعها ‌و‌ لم ينتفع بها، ‌و‌ لان الانعام ‌و‌ ‌ان‌ لم تكن مطيعه، لم تكن عاصيه ‌و‌ هذا الانسان عاص فهو اسوا حالا منها...
 ‌و‌ لكن ‌و‌ لله الحمد ‌و‌ المنه انه زود هذا الانسان بماده المعرفه التى توصله الى حمده ‌و‌ بذلك حافظ على انسانيته ‌و‌ قيمتها ‌و‌ لم ينحدر الى المستنقعات الاسنه ‌او‌ يلتحق بركب الحيوانات الصامته...
 ‌و‌ الامام زين العابدين يريد ‌ان‌ يلفت نظر الانسان الى هذه النعمه لكى تتخذ طريقها الى معرفه الله ‌و‌ اداء شكره على نعمه...
 
 شكر المنعم:
 
 ‌و‌ ‌من‌ الامور الواضحه ‌فى‌ العقول ‌ان‌ ‌من‌ انعم عليك ‌و‌ احسن اليك وجب عليك شكره ورد الجميل اليه ‌و‌ الاحسان الى مقامه ‌و‌ ‌من‌ قام بذلك ادى ‌حق‌ الانعام ‌و‌ ‌من‌ لم يقم بذلك فقد قصر ‌و‌ لامه العقلاء ‌و‌ ذمته العقول ورمته بالعيب ‌و‌ قبح السلوك فمن افاض عليك بالرزق ‌و‌ المال ‌و‌ قدم اليك ‌ما‌ يرفع حاجتك ثم لم ترفع اليه كلمه شكر فقد اسات ‌و‌ اخطات ‌و‌ ذمتك العقول...
 ‌و‌ الله سبحانه قد انعم علينا باصل وجودنا ‌و‌ بكل موجود عندنا فيجب ‌ان‌ يقابل بالشكر ‌و‌ شكره بما يناسب شانه ‌و‌ ‌ما‌ يناسبه انما ‌هو‌ طاعته فيما امر ‌و‌ البعد عما نهى.
 
اللغه:
 ابلاهم: اختبرهم ليعرف حقيقتهم.
 المنن: مفردها منه ‌و‌ هى النعمه العظيمه.
 اسبغ سبوغا العيش: اتسع ‌و‌ كان رغدا ‌و‌ اسبغ عليه النعمه اتمها ‌و‌ وسعها.
 تظاهرت: بانت ‌و‌ ظهرت ‌و‌ علت.
 البهيمه: جمعها بهائم ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ ‌لا‌ يميز ‌من‌ الحيوان.
 الانعام: يقال للابل ‌و‌ البقر ‌و‌ الغنم.
 ‌و‌ الحمد لله الذى لو حبس....
 هذه احدى المفردات التى تستحق الحمد، انها نعمه المعرفه على الشكر التى زود الله بها هذا الانسان الضعيف الصغير فاضحى بها كبيرا قويا.
 لو لم يهده الى معرفه حمده على نعمه الظاهره المتتابعه لكان هذا
 
اللغه:
 ‌دل‌ على الشى ء ‌و‌ اليه: ارشده ‌و‌ هداه.
 جنبه الشر: نجاه ‌و‌ ابعده عنه.
 الالحاد: الكفر، الحد ‌فى‌ الدين عاد عنه ‌و‌ عدل ‌و‌ ‌فى‌ مفردات الراغب: الحد فلان مال عن الحق ‌و‌ الالحاد ضربان الحاد الى الشرك بالله ‌و‌ الحاد الى الشرك بالاسباب فالاول ينافى الايمان ‌و‌ يبطله ‌و‌ الثانى يوهن عراه ‌و‌ ‌لا‌ يبطله.
 نعمر: نحيا.
 البرزخ: الحاجز بين الشيئين ‌و‌ استعمل ‌فى‌ الفتره الممتده ‌ما‌ بين الموت الى القيامه فمن مات دخل البرزخ.
 
المبعث: ‌من‌ البعث ‌و‌ لغه معناه الارسال ‌و‌ اصطلاحا نشر الموتى ‌و‌ ارسالهم للمحشر ‌من‌ اجل الحساب.
 يشرف منازلنا: يعليها ‌و‌ يرفعها.
 المولى: الصاحب، ‌و‌ الصديق ‌و‌ له معان اخرى...
 ‌و‌ الحمدلله على ‌ما‌ عرفنا ‌من‌ نفسه ‌و‌ الهمنا ‌من‌ شكره.
 نعم الله كثيره ‌لا‌ تعد ‌و‌ ‌لا‌ تحصى، ‌و‌ الامام يعد امهات هذه النعم التى هى الاساس ‌و‌ المنطلق لحمده على نعمه الباقيه، نعمه معرفه الله ‌و‌ ‌اى‌ نعمه اعظم ‌و‌ اجل ‌و‌ اكبر ‌من‌ ‌ان‌ تعرف الله؟...
 معرفه الله هى اعظم النعم على الاطلاق لانها الاساس لشكر جميع النعم الاخرى... فمن لم يعرف الله ‌و‌ لم يهتد للايمان ‌به‌ عجز عن شكر نعمه، لان ‌من‌ جهل المنعم جهل شكر نعمه... ‌و‌ ‌من‌ هنا كانت النعمه الكبرى تتجسد ‌فى‌ هذه المعرفه لله... ‌و‌ هذا بفضله وجوده حيث وفر لهذا الانسان طريق معرفته ‌و‌ سهل له الوصول الى الايمان ‌به‌ ‌و‌ كما ‌فى‌ الدعاء: ‌و‌ لو ‌لا‌ انت لم ادر ‌ما‌ انت....
 ‌و‌ فتح لنا ‌من‌ ابواب العلم بربوبيته ‌و‌ دلنا عليه ‌من‌ الاخلاص له ‌فى‌ توحيده ‌و‌ جنبنا ‌من‌ الالحاد ‌و‌ الشك ‌فى‌ امره حمدا نعمر ‌به‌ فيمن حمده ‌من‌ خلقه ‌و‌ نسبق ‌به‌ ‌من‌ سبق الى رضاه ‌و‌ عفوه، حمدا يضى ء لنا ‌به‌ ظلمات البرزخ ‌و‌ يسهل علينا ‌به‌ سبيل المبعث ‌و‌ يشرف ‌به‌ منازلنا عند مواقف الاشهاد ‌و‌ لتجزى كل نفس بما كسبت ‌و‌ ‌هم‌ ‌لا‌ يظلمون يوم ‌لا‌ يغنى مولى عن مولى شيئا ‌و‌ ‌لا‌ ‌هم‌ ينصرون.
 ثم ‌ان‌ ‌من‌ فضله وجوده ‌و‌ كرمه عرفنا بعض اوصافه الربانيه ككونه عالما قادرا حكيما سميعا بصيرا حيا ‌و‌ ‌من‌ اتم النعم ‌و‌ اكملها كمال توحيده ‌و‌ الوقوف على حقيقه وحدانيته ‌من‌ كونه واحدا احدا فردا صمدا لم يلد ‌و‌ لم يولد ‌و‌ لم يكن له كفوا احد.
 
و ايضا ‌من‌ تمام توحيده نفى الشريك عنه ‌و‌ نفى ‌ما‌ ‌لا‌ يليق ‌به‌ ‌من‌ الاوصاف ‌و‌ نفى الشك فيه المساوى لانكار ربوبيته.
 حمدا تعيش ‌به‌ اعمارنا كمن عاش ‌من‌ حمده ‌من‌ خلقه بطاعته ‌و‌ اداء شكره عيشه راضيه طيبه لانها متصله ‌به‌ موديه لحقه... حمدا نسبق ‌به‌ الطيبين الذين يتسابقون الى رضاه ‌و‌ عفوه، فهذا الحمد يكون مدعاه للمسابقه ‌و‌ السبق حمدا جميلا عظيما ببركته تكشف ظلمات عالم القبر المظلم ‌و‌ تنكشف ‌به‌ دياجيره الحالكه... حمدا يسهل ‌به‌ علينا الخروج للحساب ‌و‌ دفع العقاب... ترتفع درجاتنا عندما يقف كل واحد منا امام الله ‌و‌ تقف الشهود عليه فيكون الحمد شاهدا لنا ‌و‌ ليس علينا، فهذا الحمد نرجو ‌ان‌ يكون له هذه الفعاليه الكبيره التى بها نسبق الى رضاه ‌و‌ عفوه المتسابقين ‌و‌ يكون نورا تكشف ‌به‌ ظلمات القبر ‌و‌ يسهل علينا الحساب ‌و‌ ترتفع ‌به‌ درجاتنا عند الله يوم الفصل ‌و‌ الجزاء... انه يوم عظيم رهيب يوم تنال كل نفس جزاء عملها ‌ان‌ خيرا فخير ‌و‌ ‌ان‌ شرا فشر... يوم رهيب ‌لا‌ يحاسب فيه صديق عن صديقه ‌و‌ ‌لا‌ يحمل احد اوزار احد ‌و‌ ‌لا‌ يغنى احد عن احد ‌و‌ ‌لا‌ يدفع عنه شرا ‌او‌ يرفع عقابا...
 
اللغه:
 ‌دل‌ على الشى ء ‌و‌ اليه: ارشده ‌و‌ هداه.
 جنبه الشر: نجاه ‌و‌ ابعده عنه.
 الالحاد: الكفر، الحد ‌فى‌ الدين عاد عنه ‌و‌ عدل ‌و‌ ‌فى‌ مفردات الراغب: الحد فلان مال عن الحق ‌و‌ الالحاد ضربان الحاد الى الشرك بالله ‌و‌ الحاد الى الشرك بالاسباب فالاول ينافى الايمان ‌و‌ يبطله ‌و‌ الثانى يوهن عراه ‌و‌ ‌لا‌ يبطله.
 نعمر: نحيا.
 البرزخ: الحاجز بين الشيئين ‌و‌ استعمل ‌فى‌ الفتره الممتده ‌ما‌ بين الموت الى القيامه فمن مات دخل البرزخ.
 
المبعث: ‌من‌ البعث ‌و‌ لغه معناه الارسال ‌و‌ اصطلاحا نشر الموتى ‌و‌ ارسالهم للمحشر ‌من‌ اجل الحساب.
 يشرف منازلنا: يعليها ‌و‌ يرفعها.
 المولى: الصاحب، ‌و‌ الصديق ‌و‌ له معان اخرى...
 ‌و‌ الحمدلله على ‌ما‌ عرفنا ‌من‌ نفسه ‌و‌ الهمنا ‌من‌ شكره.
 نعم الله كثيره ‌لا‌ تعد ‌و‌ ‌لا‌ تحصى، ‌و‌ الامام يعد امهات هذه النعم التى هى الاساس ‌و‌ المنطلق لحمده على نعمه الباقيه، نعمه معرفه الله ‌و‌ ‌اى‌ نعمه اعظم ‌و‌ اجل ‌و‌ اكبر ‌من‌ ‌ان‌ تعرف الله؟...
 معرفه الله هى اعظم النعم على الاطلاق لانها الاساس لشكر جميع النعم الاخرى... فمن لم يعرف الله ‌و‌ لم يهتد للايمان ‌به‌ عجز عن شكر نعمه، لان ‌من‌ جهل المنعم جهل شكر نعمه... ‌و‌ ‌من‌ هنا كانت النعمه الكبرى تتجسد ‌فى‌ هذه المعرفه لله... ‌و‌ هذا بفضله وجوده حيث وفر لهذا الانسان طريق معرفته ‌و‌ سهل له الوصول الى الايمان ‌به‌ ‌و‌ كما ‌فى‌ الدعاء: ‌و‌ لو ‌لا‌ انت لم ادر ‌ما‌ انت....
 ‌و‌ فتح لنا ‌من‌ ابواب العلم بربوبيته ‌و‌ دلنا عليه ‌من‌ الاخلاص له ‌فى‌ توحيده ‌و‌ جنبنا ‌من‌ الالحاد ‌و‌ الشك ‌فى‌ امره حمدا نعمر ‌به‌ فيمن حمده ‌من‌ خلقه ‌و‌ نسبق ‌به‌ ‌من‌ سبق الى رضاه ‌و‌ عفوه، حمدا يضى ء لنا ‌به‌ ظلمات البرزخ ‌و‌ يسهل علينا ‌به‌ سبيل المبعث ‌و‌ يشرف ‌به‌ منازلنا عند مواقف الاشهاد ‌و‌ لتجزى كل نفس بما كسبت ‌و‌ ‌هم‌ ‌لا‌ يظلمون يوم ‌لا‌ يغنى مولى عن مولى شيئا ‌و‌ ‌لا‌ ‌هم‌ ينصرون.
 ثم ‌ان‌ ‌من‌ فضله وجوده ‌و‌ كرمه عرفنا بعض اوصافه الربانيه ككونه عالما قادرا حكيما سميعا بصيرا حيا ‌و‌ ‌من‌ اتم النعم ‌و‌ اكملها كمال توحيده ‌و‌ الوقوف على حقيقه وحدانيته ‌من‌ كونه واحدا احدا فردا صمدا لم يلد ‌و‌ لم يولد ‌و‌ لم يكن له كفوا احد.
 
و ايضا ‌من‌ تمام توحيده نفى الشريك عنه ‌و‌ نفى ‌ما‌ ‌لا‌ يليق ‌به‌ ‌من‌ الاوصاف ‌و‌ نفى الشك فيه المساوى لانكار ربوبيته.
 حمدا تعيش ‌به‌ اعمارنا كمن عاش ‌من‌ حمده ‌من‌ خلقه بطاعته ‌و‌ اداء شكره عيشه راضيه طيبه لانها متصله ‌به‌ موديه لحقه... حمدا نسبق ‌به‌ الطيبين الذين يتسابقون الى رضاه ‌و‌ عفوه، فهذا الحمد يكون مدعاه للمسابقه ‌و‌ السبق حمدا جميلا عظيما ببركته تكشف ظلمات عالم القبر المظلم ‌و‌ تنكشف ‌به‌ دياجيره الحالكه... حمدا يسهل ‌به‌ علينا الخروج للحساب ‌و‌ دفع العقاب... ترتفع درجاتنا عندما يقف كل واحد منا امام الله ‌و‌ تقف الشهود عليه فيكون الحمد شاهدا لنا ‌و‌ ليس علينا، فهذا الحمد نرجو ‌ان‌ يكون له هذه الفعاليه الكبيره التى بها نسبق الى رضاه ‌و‌ عفوه المتسابقين ‌و‌ يكون نورا تكشف ‌به‌ ظلمات القبر ‌و‌ يسهل علينا الحساب ‌و‌ ترتفع ‌به‌ درجاتنا عند الله يوم الفصل ‌و‌ الجزاء... انه يوم عظيم رهيب يوم تنال كل نفس جزاء عملها ‌ان‌ خيرا فخير ‌و‌ ‌ان‌ شرا فشر... يوم رهيب ‌لا‌ يحاسب فيه صديق عن صديقه ‌و‌ ‌لا‌ يحمل احد اوزار احد ‌و‌ ‌لا‌ يغنى احد عن احد ‌و‌ ‌لا‌ يدفع عنه شرا ‌او‌ يرفع عقابا...
 
اللغه:
 ‌دل‌ على الشى ء ‌و‌ اليه: ارشده ‌و‌ هداه.
 جنبه الشر: نجاه ‌و‌ ابعده عنه.
 الالحاد: الكفر، الحد ‌فى‌ الدين عاد عنه ‌و‌ عدل ‌و‌ ‌فى‌ مفردات الراغب: الحد فلان مال عن الحق ‌و‌ الالحاد ضربان الحاد الى الشرك بالله ‌و‌ الحاد الى الشرك بالاسباب فالاول ينافى الايمان ‌و‌ يبطله ‌و‌ الثانى يوهن عراه ‌و‌ ‌لا‌ يبطله.
 نعمر: نحيا.
 البرزخ: الحاجز بين الشيئين ‌و‌ استعمل ‌فى‌ الفتره الممتده ‌ما‌ بين الموت الى القيامه فمن مات دخل البرزخ.
 
المبعث: ‌من‌ البعث ‌و‌ لغه معناه الارسال ‌و‌ اصطلاحا نشر الموتى ‌و‌ ارسالهم للمحشر ‌من‌ اجل الحساب.
 يشرف منازلنا: يعليها ‌و‌ يرفعها.
 المولى: الصاحب، ‌و‌ الصديق ‌و‌ له معان اخرى...
 ‌و‌ الحمدلله على ‌ما‌ عرفنا ‌من‌ نفسه ‌و‌ الهمنا ‌من‌ شكره.
 نعم الله كثيره ‌لا‌ تعد ‌و‌ ‌لا‌ تحصى، ‌و‌ الامام يعد امهات هذه النعم التى هى الاساس ‌و‌ المنطلق لحمده على نعمه الباقيه، نعمه معرفه الله ‌و‌ ‌اى‌ نعمه اعظم ‌و‌ اجل ‌و‌ اكبر ‌من‌ ‌ان‌ تعرف الله؟...
 معرفه الله هى اعظم النعم على الاطلاق لانها الاساس لشكر جميع النعم الاخرى... فمن لم يعرف الله ‌و‌ لم يهتد للايمان ‌به‌ عجز عن شكر نعمه، لان ‌من‌ جهل المنعم جهل شكر نعمه... ‌و‌ ‌من‌ هنا كانت النعمه الكبرى تتجسد ‌فى‌ هذه المعرفه لله... ‌و‌ هذا بفضله وجوده حيث وفر لهذا الانسان طريق معرفته ‌و‌ سهل له الوصول الى الايمان ‌به‌ ‌و‌ كما ‌فى‌ الدعاء: ‌و‌ لو ‌لا‌ انت لم ادر ‌ما‌ انت....
 ‌و‌ فتح لنا ‌من‌ ابواب العلم بربوبيته ‌و‌ دلنا عليه ‌من‌ الاخلاص له ‌فى‌ توحيده ‌و‌ جنبنا ‌من‌ الالحاد ‌و‌ الشك ‌فى‌ امره حمدا نعمر ‌به‌ فيمن حمده ‌من‌ خلقه ‌و‌ نسبق ‌به‌ ‌من‌ سبق الى رضاه ‌و‌ عفوه، حمدا يضى ء لنا ‌به‌ ظلمات البرزخ ‌و‌ يسهل علينا ‌به‌ سبيل المبعث ‌و‌ يشرف ‌به‌ منازلنا عند مواقف الاشهاد ‌و‌ لتجزى كل نفس بما كسبت ‌و‌ ‌هم‌ ‌لا‌ يظلمون يوم ‌لا‌ يغنى مولى عن مولى شيئا ‌و‌ ‌لا‌ ‌هم‌ ينصرون.
 ثم ‌ان‌ ‌من‌ فضله وجوده ‌و‌ كرمه عرفنا بعض اوصافه الربانيه ككونه عالما قادرا حكيما سميعا بصيرا حيا ‌و‌ ‌من‌ اتم النعم ‌و‌ اكملها كمال توحيده ‌و‌ الوقوف على حقيقه وحدانيته ‌من‌ كونه واحدا احدا فردا صمدا لم يلد ‌و‌ لم يولد ‌و‌ لم يكن له كفوا احد.
 
و ايضا ‌من‌ تمام توحيده نفى الشريك عنه ‌و‌ نفى ‌ما‌ ‌لا‌ يليق ‌به‌ ‌من‌ الاوصاف ‌و‌ نفى الشك فيه المساوى لانكار ربوبيته.
 حمدا تعيش ‌به‌ اعمارنا كمن عاش ‌من‌ حمده ‌من‌ خلقه بطاعته ‌و‌ اداء شكره عيشه راضيه طيبه لانها متصله ‌به‌ موديه لحقه... حمدا نسبق ‌به‌ الطيبين الذين يتسابقون الى رضاه ‌و‌ عفوه، فهذا الحمد يكون مدعاه للمسابقه ‌و‌ السبق حمدا جميلا عظيما ببركته تكشف ظلمات عالم القبر المظلم ‌و‌ تنكشف ‌به‌ دياجيره الحالكه... حمدا يسهل ‌به‌ علينا الخروج للحساب ‌و‌ دفع العقاب... ترتفع درجاتنا عندما يقف كل واحد منا امام الله ‌و‌ تقف الشهود عليه فيكون الحمد شاهدا لنا ‌و‌ ليس علينا، فهذا الحمد نرجو ‌ان‌ يكون له هذه الفعاليه الكبيره التى بها نسبق الى رضاه ‌و‌ عفوه المتسابقين ‌و‌ يكون نورا تكشف ‌به‌ ظلمات القبر ‌و‌ يسهل علينا الحساب ‌و‌ ترتفع ‌به‌ درجاتنا عند الله يوم الفصل ‌و‌ الجزاء... انه يوم عظيم رهيب يوم تنال كل نفس جزاء عملها ‌ان‌ خيرا فخير ‌و‌ ‌ان‌ شرا فشر... يوم رهيب ‌لا‌ يحاسب فيه صديق عن صديقه ‌و‌ ‌لا‌ يحمل احد اوزار احد ‌و‌ ‌لا‌ يغنى احد عن احد ‌و‌ ‌لا‌ يدفع عنه شرا ‌او‌ يرفع عقابا...
 
اللغه:
 العليين: قال الراغب ‌فى‌ مفرداته ‌هو‌ اسم اشرف الجنان كما ‌ان‌ سجينا اسم ‌شر‌ النيران ‌و‌ قيل بل ذلك ‌فى‌ الحقيقه اسم سكانها ‌و‌ هذا اقرب ‌فى‌ العربيه.
 الرقم: الخط الغليظ ‌و‌ قيل ‌هو‌ تعجيم الكتاب ‌و‌ قوله تعالى: كتاب مرقوم حمل على الوجهين.
 المقربون: الملائكه المقربون عند الله.
 حمدا يرتفع منا الى اعلى عليين ‌فى‌ كتاب مرقوم يشهده المقربون.
 انه حمد يرتفع ‌و‌ يرتقى الى اعلى المنازل ‌و‌ اشرفها حيث هناك الشرف ‌و‌ الكرامه ‌و‌ دليل قبول الله له ‌و‌ الاثابه عليه ‌و‌ متى ارتفع الى تلك المنازل العاليه بل اعلاها نال الانسان محبه الله ‌و‌ رضاه...
 ‌و‌ ‌فى‌ تفسير الطبرسى عند تفسيره لقوله تعالى ‌فى‌ سوره المطففين: كلا ‌ان‌ كتاب الابرار لفى عليين ‌و‌ ‌ما‌ ادراك ‌ما‌ عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون يقول قدس سره: لفى عليين ‌اى‌ مراتب عاليه محفوفه بالجلاله ‌و‌ قيل ‌فى‌ السماء السابعه ‌و‌ فيها ارواح المومنين ‌و‌ قيل ‌فى‌ سدره المنتهى ‌و‌ هى التى ينتهى اليها كل شى ء ‌من‌ امر الله تعالى.
 ‌و‌ قيل العليون الجنه.
 ‌و‌ قال الغراء ‌فى‌ ارتفاع بعد ارتفاع ‌لا‌ غايه له.
 ‌و‌ قيل ‌هو‌ لوح ‌من‌ زبرجد خضراء معلقه تحت العرش اعمالهم مكتوبه فيها.
 ‌و‌ عن البراء ‌بن‌ عازب عن النبى ص قال: ‌فى‌ عليين ‌فى‌ السماء السابعه تحت العرش ‌و‌ ‌ما‌ ادراك ‌ما‌ عليون ‌و‌ هذا تعظيم لشان هذه المنزله ‌و‌ تفخيم لامرها ‌و‌ تنبيه على ‌ان‌ تفضيله ‌لا‌ يمكن العلم ‌به‌ الا بالمشاهده ثم قال: كتاب مرقوم ‌اى‌ ‌هو‌ كتاب مكتوب فيه جميع طاعاتهم ‌و‌ ‌ما‌ تقر ‌به‌ اعينهم ‌و‌ يوجب سرورهم...
 ‌و‌ قيل: مرقوم مكتوب لهم بالخيرات ‌فى‌ ساق العرش ‌و‌ يدل عليه قوله ‌و‌ يشهده المقربون يعنى الملائكه الذين ‌هم‌ ‌فى‌ اعلى عليين يشهدون ‌و‌ يحضرون ذلك المكتوب ‌او‌ ذلك الكتاب اذا صعد ‌به‌ الى اعلى عليين ‌و‌ المقربون ‌هم‌ الذين قربوا الى كرامه الله ‌فى‌ اجل المراتب...
 اذن فهذا الحمد الذى يتمناه الامام ‌و‌ ينشده حمد يرتقى الى ارفع درجات الجنه حيث يكتب ‌فى‌ اشرف بقعه ‌و‌ يحل عند اشرف قوم، ‌لا‌ يمحى منها لشرفه ‌و‌ يشهده الملائكه المقربون الذين ‌لا‌ يشهدون الا بالحق ‌و‌ بامر الله يعملون...
 
قرت عينه: قال الطريحى ‌فى‌ مجمعه، قره العين برودتها ‌و‌ انقطاع بكائها ‌و‌ رويتها ‌ما‌ كانت مشتاقه اليه ‌و‌ القر بالضم ‌ضد‌ الحر ‌و‌ العرب تزعم ‌ان‌ دمع الباكى ‌من‌ شده السرور بارد ‌و‌ دمع الباكى ‌من‌ الحزن حار فقره العين كنايه عن الفرح ‌و‌ السرور ‌و‌ الظفر بالمطلوب يقال قرت عينه تقر بالكسر ‌و‌ الفتح قره بالفتح ‌و‌ الضم ‌و‌ مثله ‌فى‌ حديث الدعاء اقر الله عينك ‌اى‌ برد الله دمعتك ‌و‌ قيل معنى اقر الله عينك ايامها ‌من‌ قر اذا سكن ‌و‌ قيل معنى اقر الله عينك بلغك امنيتك حتى ترضى نفسك ‌و‌ تسكن ‌و‌ عينك ‌و‌ حاصل الكل الدعاء له بما يسره ‌و‌ ‌لا‌ يسوه.
 الابشار: جلد الانسان الظاهر.
 حمدا تقر ‌به‌ عيوننا اذا برقت الابصار.
 حمدا لبركته ‌و‌ طيبه ‌و‌ آثاره النافعه العظيمه انه يمنعنا ‌من‌ الخوف ‌و‌ الفزع ‌و‌ الاضطراب ‌و‌ ‌من‌ اهوال يوم الحساب، ذلك اليوم الرهيب الذى تشخص فيه الابصار ‌و‌ تضل العقول ‌و‌ تضطرب القلوب... حمدا نرى منه ‌و‌ فيه كل راحه ‌و‌ اطمئنان بحيث تقر عيوننا ‌و‌ تسكن قلوبنا.
 ‌و‌ تبيض ‌به‌ وجوهنا اذا اسودت الابشار لانه عمل صالح يرتفع الى الله فيرتاح المومن لقبوله ‌و‌ ينشرح الصدر ‌و‌ يدخل السرور الى القلب ‌و‌ يتلقى الجزاء الاوفى. ‌و‌ اما الذين عملوا السيئات ‌و‌ ارتكبوا المحرمات ‌و‌ تركوا الواجبات فان وجوههم تسود لعظيم جرمهم ‌و‌ ‌ما‌ يقدمون عليه ‌من‌ عذاب الله ‌و‌ عقابه ‌و‌ هذا المعنى ماخوذ ‌من‌ قوله تعالى ‌فى‌ سوره ‌آل‌ عمران: يوم تبيض وجوه ‌و‌ تسود وجوه فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، ‌و‌ اما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمه الله ‌هم‌ فيها خالدون.
 
اعتقت العبد: حررته ‌و‌ اطلقته ‌من‌ اسر العبوديه.
 حمدا نعتق ‌به‌ ‌من‌ اليم نار الله الى كريم جوار الله حمدا ميزته ‌و‌ خاصيته بل خصوصياته ‌و‌ فعالياته ‌ان‌ ننجو ‌من‌ النار ‌و‌ نتخلص ‌من‌ حرها ‌و‌ المها ‌و‌ ندخل رحمته ‌و‌ ننال عفوه فندخل الجنه التى اعدها الله للمتقين... ‌و‌ غايه عمل الانسان منا انه ينظر الى الجنه ‌و‌ يعمل لها ‌و‌ هى محور شغله ‌و‌ غايه همه، ‌و‌ ينظر الى النار فيخاف منها ‌و‌ يخشى ‌من‌ عذابها ‌و‌ يعد العده ‌من‌ اجل النجاه منها ‌و‌ كما قال تعالى ‌جل‌ اسمه: فمن زحزح عن النار ‌و‌ ادخل الجنه فقد فاز.
 
زاحمه: ضايقه ‌و‌ دافعه ‌فى‌ محل ضيق.
 نضام: ‌من‌ الضم بمعنى الجمع.
 دار المقامه: دار الاقامه.
 ‌لا‌ تحول: ‌لا‌ تتغير.
 حمدا نزاحم ‌به‌ ملائكته المقربين ‌و‌ نضام ‌به‌ انبيائه المرسلين ‌فى‌ دار المقامه التى ‌لا‌ تزول ‌و‌ محل كرامته التى ‌لا‌ تحول.
 هكذا تكون همم اولياء الله... انهم يتطلعون الى ارفع المقامات ‌و‌ اجلها... الى حيث الملائكه المقربون ‌و‌ الى حيث المرسلون. الى حيث تعيش الطليعه المقربه ‌من‌ الله المطيعه لربها... الى المقامات العاليه تطمح انظار الكبار المطيعين لله... هكذا يعلمنا الامام كيف يجب ‌ان‌ يكون الحمد... الحمد الذى يدخل فيه الحامد مع الملائكه المقربين ‌و‌ يجتمع ‌به‌ مع النبيين ‌فى‌ الدار التى اختارها الله لاشرف عباده ‌و‌ اكرمهم عنده، انها دار المقامه... الدار التى يقيم بها الانسان فلا يزول عنها ‌و‌ ‌لا‌ يتحول الى غيرها لما فيها ‌من‌ الكرامه ‌و‌ الراحه ‌و‌ لما فيها ‌من‌ اللذه ‌و‌ السرور ‌و‌ لما فيها ‌من‌ الخيرات ‌و‌ الطيبات... فلا تلحقه مشقه الارتحال ‌و‌ ‌هم‌ السفر... بل يستقر فيها ‌و‌ كل نعيم لديه حاضر انها دار الكرامه التى اعدها الله لمن اطاعه ‌و‌ استجاب لامره...
 
اللغه:
 المحاسن: مفردها الحسن ‌و‌ ‌هو‌ الجمال.
 الخلق: مصدر الناس ‌و‌ الفطره ‌و‌ الخلقه بكسر الخاء الهيئه ‌و‌ الفطره.
 اجرى عليه الرزق: ‌اى‌ جعله دارا متصلا.
 ‌و‌ لقد خلقنا الانسان ‌فى‌ احسن تقويم منه ‌من‌ الله ‌و‌ فضلا منه... نعمه تنضم الى غيرها ‌من‌ النعم ‌و‌ تنتظم ‌فى‌ سلكها... ننظر الى الحيوانات قاطبه فنجد منها ‌ما‌ يزحف على بطنه ‌و‌ منها ‌ما‌ يمشى مكبا على وجهه ‌و‌ منها ‌ما‌ يمشى على اربع... صور متعدده اذا قارنتها بصوره الانسان وجدت الفارق كبيرا... تجد هذا الانسان مستقيم القامه جميل المنظر مرتفع الراس ينتصب برشاقه... يتحرك ذات اليمين تاره ‌و‌ ذات الشمال اخرى، يتمايل كيف يشاء ‌و‌ يتلوى كيف يشاء... ‌فى‌ احسن تقويم صوره ‌و‌ شكلا ‌و‌ اين منه بقيه مخلوقات الله... حدق ‌و‌ دقق لتجد هذه النعمه العظيمه ظاهره بينه ‌فى‌ تكوينك ‌و‌ خلقتك ‌و‌ صورتك... نعم انها نعمه تستحق الحمد...
 ‌و‌ اجرى علينا طيبات الرزق.
 فمنذ تكويننا رزقنا ياتينا ‌فى‌ كل يوم ‌و‌ عند الحاجه اليه... كنا اجنه ‌فى‌ بطون امهاتنا فتكفل سبحانه ‌و‌ تعالى لنا برزقنا ‌و‌ ‌ما‌ يمدنا باكمال الحياه ‌و‌ بعد ‌ان‌ خرجنا الى الدنيا جعل لنا غذاءا ‌من‌ حليب الامهات، ثم عندما كبرنا قليلا امدنا ‌و‌ اعطانا كل ‌ما‌ نحتاجه ‌من‌ مقومات حياتنا... اغدق علينا ‌من‌ رزقه ‌و‌ ‌ما‌ تستمر ‌به‌ حياتنا، ‌و‌ هكذا كلما طال العمر استمر الرزق بالتدفق ‌و‌ لن يتوقف هذا الرزق الا اذا انقطع العمر ‌و‌ توقفت الحياه... الرزق الطيب المعبر عنه بالحلال... فالله احل لنا الطيبات ‌و‌ حرم علينا الخبائث، فالطيبات اللحم ‌و‌ العسل ‌و‌ القمح ‌و‌ العدس ‌و‌ ‌ما‌ شاكلها ‌و‌ الخبيث كل حرام كالنجس ‌و‌ لحم الخنزير ‌و‌ الخمر ‌و‌ المسروق ‌و‌ المغصوب ‌و‌ ‌ما‌ شاكلها... ‌و‌ الامام يتذكر هذه النعمه فيحمد الله عليها... ‌و‌ الله جمع النعمتين: الصوره الحسنه لهذا الانسان ‌و‌ الرزق الطيب ‌فى‌ قوله تعالى: الله الذى جعل لكم الارض قرارا ‌و‌ السماء بناء ‌و‌ صوركم فاحسن صوركم ‌و‌ رزقكم ‌من‌ الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين.
 
الفضيله: الشرف ‌و‌ الدرجه الرفيعه ‌فى‌ الذكر.
 الملكه: المملوك ‌و‌ المقصود هنا ملكه العقل.
 انقاد: خضع له ‌و‌ اذعن.
 ‌و‌ جعل لنا الفضيله بالملكه على جميع الخلق فكل خليقته منقاده لنا بقدرته ‌و‌ صائره الى طاعتنا بعزته.
 لم يتقدم هذا الانسان على غيره ‌من‌ مخلوقات الله بقوته البدنيه فالاسد اقوى منه ‌و‌ لم يتقدم بكبر جثته فالجمل ‌و‌ الفيل اكبر منه، ‌و‌ لم يتقدم بطوله فالنخله اطول منه ‌و‌ لم يتقدم بعرضه فالجدار اعرض منه ‌و‌ لم يتقدم ببياض بشرته فالقطن ‌و‌ الثلج اشد بياضا منه ‌و‌ لم يتقدم بزرقه عينيه فحجر الفيروزج اشد زرقه منها... ‌و‌ لم يتقدم بلحمه ‌و‌ دمه ‌و‌ عظامه فهناك ‌من‌ المخلوقات ‌ما‌ يضاهيه بل يكبر عنه بكثير...
 نعم لم يتقدم الانسان على مخلوقات الله بشى ء ‌من‌ تلك المواد ‌و‌ الصفات ‌و‌ انما تقدم عليها بهذه الجوهره الثمينه التى وهبها الله له... جوهره العقل... هذه الدره الثمينه اليتيمه التى هى اغلى ‌و‌ اعظم ‌ما‌ ‌فى‌ الانسان ‌و‌ بها تتفاوت الافراد ‌و‌ بدونها يتحول الانسان الى حيوان بل احط ‌من‌ الحيوان ‌و‌ اقل قيمه، تسقط عنه جميع التكاليف ‌و‌ الالتزامات الشرعيه ‌و‌ العرفيه ‌و‌ العقلائيه... بهذه الملكه التى زود الله بها هذا الانسان تحول الى سيد مطلق ‌فى‌ الدنيا... رفعه الله ‌و‌ سخر له كل مخلوقاته الصامته ‌و‌ الناطقه ‌و‌ الجامده... تطوعت لخدمته مختلف الحيوانات الاليف منها ‌و‌ الوحشى، سخر الله له الطبيعه بما تحوى ‌من‌ انواع ‌و‌ اصناف بل سخر له الشمس ‌و‌ القمر ‌و‌ الكواكب ‌و‌ ‌ما‌ فيها ‌و‌ ‌ما‌ عليها ‌و‌ ترك له حريه الحركه لكل مكان تطاله يده ‌و‌ تدوسه قدماه... استطاع بهذا العقل ‌ان‌ ينطلق ‌فى‌ رحاب الكون الفسيح ‌و‌ يضع رجله على القمر بل يصعد الى ‌ما‌ فوقه ‌من‌ كواكب ‌و‌ ابراج... انها قدره الله ‌و‌ عزته المنيعه التى سخرت لهذا الانسان كل هذا ‌و‌ طوعته لارادته ‌و‌ مشيئته فهذه النعمه تستحق الشكر...
 
استفهام تعجيزى مفاده اننا ‌لا‌ نستطيع ‌و‌ ‌لا‌ نقدر على حمده، لان الحمد حمل ثقيل يعجز كاهل هذا الانسان عن ادائه على وجهه...
 ‌و‌ قوله ‌ام‌ متى نودى شكره يعنى ‌فى‌ ‌اى‌ زمان نودى شكره ‌و‌ العمر محدود قصير ‌لا‌ يستوعب شكر الله ‌و‌ حمده ‌و‌ النتيجه ‌لا‌ متى اقرار بالعجز ‌و‌ عدم القدره على اداء الشكر... ‌و‌ يبقى الاقرار بالعجز فلعله بنفسه بعض ‌من‌ الشكر.
 
اطاق الشى ء: قدر عليه.
 ‌و‌ الحمد لله الذى اغلق عنا باب الحاجه الاليه فكيف نطيق حمده؟ ‌ام‌ متى نودى شكره؟ لا، متى تحتاج ‌فى‌ اصل وجود الى الله ‌و‌ تحتاج ‌فى‌ بقائك ‌و‌ طول عمرك الى الله... ‌و‌ تحتاج ‌فى‌ تكوينك بهذا الشكل الجميل الى الله ‌و‌ ‌فى‌ رزقك الى الله... فتش عن كل نعمه ستجدها ‌من‌ الله...
 لقد اغلق الله باب الحاجه الى الناس، فالناس ‌لا‌ تملك تكوينك ‌و‌ ‌لا‌ تملك تركيبك ‌و‌ ‌لا‌ تملك حياتك ‌و‌ ‌لا‌ تملك رزقك... ‌و‌ هذه نعمه تجعلك عزيزا قويا مرتفع الجبين عالى الهمه... ‌و‌ الامام ينبهنا الى هذه النعمه ‌و‌ انها تستحق الشكر ثم يستدرك ليقول لنا كيف نطيق حمد الله على هذه النعمه؟
 
اللغه:
 ركب: وضع.
 الروح: بضم الراء النفس ‌و‌ بالفتح الراحه.
 ثبت: دام ‌و‌ استقر ‌و‌ اثبت جعله ثابتا.
 الجوارح: مفرده جارحه ‌و‌ ‌هو‌ العضو ‌من‌ الانسان ‌و‌ ‌لا‌ سيما اليد.
 اقنى: اغنى ‌و‌ اعطى ‌ما‌ يقتنى.
 المن: الانعام ‌و‌ الفضل.
 ‌و‌ الحمد لله الذى ركب فينا آلات البسط ‌و‌ جعل لنا ادوات القبض.
 هذا الانسان بخلقته معجزه ‌و‌ بتركيب بدنه معجزه... بل كل عضو فيه معجزه تدلل على عظمه الله ‌و‌ قدرته...
 العين هذا العضو الصغير الذى ‌لا‌ يتجاوز حبه جوز صغيره- بل حبه عدس لان بها الرويه- يحتاج الاطباء الى الاختصاص ‌به‌ زمنا طويلا يدرسون ‌و‌ يتعبون ‌و‌ يجدون... تركيب بديع دقيق... مهندس الكون كله ‌هو‌ الذى خلقها على صغرها ‌و‌ جعلها تستوعب كل ‌ما‌ يقع ‌فى‌ مواجهتها ‌و‌ هى تكبرها ملايين المرات... كل عصب فيها له خاصيه ‌و‌ له دور... ‌و‌ كل شريان له اثر ‌و‌ له عمل...
 هذه اليد التى تتناول بها الاشياء ‌و‌ تقضى بها حاجتك لو كانت جامده ‌لا‌ تتحرك لامتنعت عن اداء كثير ‌من‌ الواجبات التى تقوم بها فاذا يبست عجزت عن الحركه ‌فى‌ كل الاتجاهات ‌و‌ عجزت عن ‌ان‌ تصل الى الفم ‌و‌ عجزت عن اداء مهمتها ‌فى‌ كثير ‌من‌ المجالات... ‌و‌ لو تصلبت الشرايين ‌او‌ ارتخت كما ‌فى‌ الحالات الطارئه- مثل الشلل- ‌ما‌ مصير هذه اليد؟ انها تقل منفعتها بل قد تنعدم منفعتها بالكامل... هذه الرجل التى تمشى بها ‌و‌ تنقلك حيث اردت اذا اصيبت بالشلل توقفت عن الحركه ‌و‌ لم يعد لها دور ‌او‌ اثر الا ‌فى‌ بقاء الجمال لهذا المخلوق...
 ‌و‌ هكذا عدد ‌ما‌ شئت ‌من‌ الاعضاء المكون منها هذا الجسم البشرى ‌و‌ اذكر منافعها ‌و‌ محاسنها ‌و‌ دورها ثم اذكر فضل الله ‌و‌ عظيم منه ‌و‌ كرمه ‌و‌ استشعر الخشيه منه ‌و‌ اعرف جوده ‌و‌ حكمته ‌و‌ دقه صنعه ‌و‌ تكوينه... كيف خلق هذه الاعضاء لينه مطيعه لاراده الانسان ‌و‌ مشيئته؟!... متى اردت ‌ان‌ ترفع يدك استجابت لك فورا، ‌و‌ متى اردت ‌ان‌ تردها الى الخلف لبت طلبك فورا، ‌و‌ متى اردت ‌ان‌ تحمل بها شيئا ‌او‌ ترفعه لبت طلبك ‌و‌ استجابت لك فورا...
 ‌ان‌ لك السيطره الكامله على البدن كله بجميع اعضائه... تتصرف كيف تشاء ‌و‌ ‌فى‌ ‌اى‌ امر تشاء.
 نعمه كبرى ‌ان‌ تستجب لك كل هذه الاعضاء عندما تريد امرا ‌و‌ تلبى طلبك عندما يصدر منك امر... نعمه تستحق الحمد... الحمد لله الذى اختار لنا هذا التركيب البديع ‌فى‌ هذا البدن الصغير ‌و‌ جعل لنا الحريه الكامله ‌فى‌ السيطره عليه... سيطره كامله ‌و‌ اراده ‌و‌ اعيه... سبحانك ‌يا‌ رب على هذه النعمه الكبيره... انها حكمه الله التى توجهنا باستمرار الى الالتفات الى انفسنا ‌كى‌ نقر ‌و‌ نعترف بعظمه الله ‌و‌ حكمته ‌او‌ لم يتفكروا ‌فى‌ انفسهم. سنريهم آياتنا ‌فى‌ الافاق ‌و‌ ‌فى‌ انفسهم.
 هذه الانفس بمجرد ‌ان‌ يلتفت العاقل اليها ‌و‌ يتوقف قليلا عند هذا التكوين البديع سيعود الى الله يسبحه ‌و‌ يحمده ‌و‌ يشكر عطاياه...
 ‌و‌ متعنا بارواح الحياه هذه القوى المودعه ‌فى‌ الانسان التى يستريح اليها الانسان ‌و‌ يكمل الشوط ‌فى‌ الحياه اما بنفسه ‌او‌ بمن يخلفه- ‌و‌ تجعله سعيدا كقوه الشهوه التى يلتذ بها الانسان ‌و‌ يستريح اليها. فمتى اكل استانس ‌و‌ استراح ‌و‌ اكمل الحياه، ‌و‌ متى تزوج استانس بقضاء شهوته ‌و‌ استمر النسل ‌من‌ بعده... ‌و‌ متى غضب دافع عن الحق ‌و‌ ثار ‌فى‌ وجه الظلم ‌و‌ انتصر للعدل ‌و‌ ‌فى‌ كل ذلك سعاده الحياه ‌و‌ راحتها.
 ‌و‌ اثبت فينا جوارح الاعمال فمن فضله وجوده ‌ان‌ خلق لنا اعضاء كاليد نستطيع بها ‌ان‌ نقضى ‌و‌ نمضى ‌ما‌ نريد ‌و‌ نستعملها ‌فى‌ حوائجنا ‌و‌ ‌سد‌ عوزنا فنشتغل ‌و‌ نعمل بها ‌ما‌ تتطلبه ‌و‌ تقوم ‌به‌ الحياه...
 ‌و‌ غذانا بطيبات الرزق اغدق علينا ‌من‌ الرزق الحلال- ‌و‌ الحلال- ‌هو‌ الطيب- ‌و‌ تكفل لنا ‌به‌ فلا يضيع عبد ربه كافله ‌و‌ ‌ان‌ الله قد اخذ على نفسه ‌ان‌ يرزقنا اذا اتقيناه ‌و‌ اطعناه ‌فى‌ امره ‌و‌ نهيه...
 ‌و‌ اغنانا بفضله فبما عنده ‌من‌ رزق ‌و‌ خير اغنانا عن الحاجه الى الناس بحيث ‌ان‌ الانسان اذا توجه الى الله ‌و‌ انقطع اليه ‌و‌ عرف ‌ان‌ الله ‌هو‌ الرزاق ‌و‌ ‌ان‌ غيره ‌من‌ البشر مرزوق بفضله فلا ‌شك‌ ‌ان‌ الله سيغنيه عن الحاجه الى الناس...
 ‌و‌ اقنانا بمنه فمن فضله انه اعطانا ‌ما‌ ندخره ‌و‌ نقتنيه زياده عما نحتاجه... فانت بحاجه الى ‌ان‌ تشبع بطنك فاذا بالله يغدق عليك ‌ما‌ يكفيك ‌لا‌ شهر ‌ان‌ لم نقل لسنوات ‌و‌ ليس ‌من‌ نوع واحد فحسب بل ‌من‌ عده انواع ‌و‌ اصناف ‌و‌ انت بحاجه الى ثوب يستر عورتك فاذا بالله يتفضل عليك باثواب ‌و‌ اثواب ‌و‌ هكذا ‌فى‌ سائر حاجاتك ‌و‌ مقتنياتك فانها فائضه عن حاجتك ‌و‌ هى نعم تستحق الحمد...
 ثم ‌ان‌ الامام ع يذكر هذا الانسان بفضل الله ‌و‌ كيف انه سبحانه يتجاوز عن معاصيه ‌و‌ تمرده لعله يرجع ‌او‌ يعود...
 
الابتلاء: الاختبار ‌و‌ الامتحان.
 المتن: الظهر ‌و‌ متن الارض ‌ما‌ ارتفع منها ‌و‌ استوى.
 الزجر: المنع ‌و‌ النهى.
 بادر لى الشى ء: اسرع ‌و‌ عجل اليه.
 النقمه: المكافاه بالعقوبه.
 تانانا: تمهلنا، تانى فلان تمهل.
 
الرافه: الرحمه تراف ‌به‌ رحمه اشد رحمه.
 ثم امرنا ليختبر طاعتنا ‌و‌ نهانا ليبتلى شكرنا.
 الاوامر الالهيه ‌من‌ اجلنا ‌و‌ ‌من‌ اجل مصالحنا، ‌من‌ اجل ‌ان‌ ننتهى عن الفحشاء ‌و‌ المنكر كانت الصلاه ‌و‌ ‌من‌ اجل رياضه النفس ‌و‌ ترويضها على الاحساس بحاجه الناس كان الامر بالصوم، ‌و‌ ‌من‌ اجل رفع الشح ‌و‌ البخل ‌و‌ اعانه الضعفاء كان الامر باخراج الحق الشرعى ‌من‌ الخمس ‌و‌ الزكاه ‌و‌ ‌من‌ اجل ‌ان‌ يعيش الناس ‌فى‌ راحه ‌و‌ هدوء كان النهى عن الغيبه ‌و‌ النميمه ‌و‌ ‌من‌ اجل تحصين الاسره ‌و‌ حفظ النسل ‌من‌ الضياع كان النهى عن الزنا ‌و‌ ‌من‌ اجل حفظ النفس ‌و‌ عدم الفوضى ‌و‌ الفساد كان النهى عن القتل ‌و‌ هكذا لو تتبعت سائر النواهى ‌و‌ الاوامر لوجدتها لصالح هذا الانسان ‌و‌ امنه ‌و‌ راحته، انها كانت ‌من‌ اجل مصالحنا ‌و‌ منافعنا ‌و‌ لكى يختبرنا الله ‌و‌ يميز المطيع ‌من‌ العاصى. ‌و‌ ‌هو‌ العالم بالمطيع ‌و‌ العاصى ‌و‌ لكن لئلا يبقى للناس حجه عليه...
 انه امتحان ‌و‌ اختبار ‌من‌ اجل ‌ان‌ يتميز المطيع ‌من‌ العاصى ‌و‌ الشقى ‌من‌
 
السعيد ‌و‌ لكننا... فخالفنا عن طريق امره فعصينا ‌و‌ تمردنا ‌و‌ رفضنا الامر الالهى ‌و‌ تنكبنا عن طريق العدل ‌و‌ الحق ‌و‌ ‌ما‌ امر الله به، تركنا الصلاه ‌و‌ رفضنا الحج ‌و‌ ظلمنا الضعفاء ‌و‌ لم نعمل بما امر الله ‌و‌ ركبنا متون زجره فقد ارتكبنا المحرمات كالسرقه ‌و‌ الغصب ‌و‌ الزنا ‌و‌ التبرج ‌و‌ الغش ‌و‌ كل ‌ما‌ نهى الله عنه، اننا نمارس المحرمات ‌و‌ كانها حلال مباح فما امر الله ‌به‌ نخالفه ‌و‌ ‌ما‌ نهى عنه نرتكبه ‌و‌ لرحمته ‌و‌ عفوه ‌و‌ قدرته المطلقه فلم يبتدرنا بعقوبته ‌و‌ لم يعاجلنا بنقمته بل تانانا برحمته تكرما ‌و‌ انتظر مراجعتنا برافته حلما...
 لم يسرع ‌و‌ يعجل لنا العقوبه جزاء لاعمالنا السيئه ‌و‌ تمردنا على امره ‌و‌ نهيه فانه سبحانه يمهل ‌و‌ يوخر ‌و‌ يسوف العقوبه لعل هذا العاصى يعود ‌و‌ يرجع فانه رحمن رحيم يحب الرحمه لعباده.
 
اللغه:
 دله على الشى ء: ارشده اليه ‌و‌ هداه.
 نفدها: نستفيدها ‌من‌ الافاده ‌و‌ هى المنفعه.
 نعتدد: نعد ‌و‌ نحسب.
 البلاء: الاختبار بالخير ‌او‌ الشر.
 جل: عظم ‌و‌ كبر.
 جسم: عظم ‌و‌ ضخم.
 ‌من‌ فضل الله ‌و‌ رحمته ‌و‌ عظيم نعمته على عباده ‌ان‌ هدانا الى التوبه ‌من‌ ذنوبنا التى تعنى الرجوع اليه ‌و‌ طلب المغفره منه... ‌و‌ لو ‌لا‌ فضله ‌و‌ منه ‌و‌ احسانه لم نعرفها ‌و‌ لم نلتفت اليها ‌و‌ لم نهتد الى آثارها ‌و‌ منافعها... فان الانسان لو خلى ‌و‌ نفسه لم يحكم بانها تمحو الذنب ‌و‌ توجب غفران الاساءه ‌و‌ لكن الله ‌هو‌ الذى دلنا عليها ‌و‌ على مالها ‌من‌ منافع ‌و‌ فوائد ‌و‌ عوائد... ‌و‌ هذه النعمه- نعمه معرفه التوبه ‌و‌ الهدايه اليها- لو نظرنا اليها فحسب ‌و‌ اقتصرنا عليها ‌و‌ لم نعدد بقيه عطائه ‌و‌ مننه ‌و‌ احسانه لاوجبت علينا وحدها ‌ان‌ نذكر جميل ‌ما‌ اعطى ‌و‌ عظيم ‌ما‌ تفضل ‌و‌ تكرم.
 
السنه: الطريقه.
 الطاقه: القدره على الشى ء.
 الوسع: الطاقه يقال ليس ‌فى‌ وسعه ‌ان‌ يعمل كذا ‌اى‌ ‌لا‌ يقدر عليه.
 تجشم الامر: تكلفه على مشقه.
 لم يدع: لم يترك.
 الحجه: ‌ما‌ يحتج به.
 ‌و‌ التوبه التى هدانا الله اليها سهله المنال يمكن الوصول اليها ‌و‌ امتثالها ‌و‌ تحقيق مضمونها... لم تكن عملا شاقا على الانسان ‌ان‌ تقف امام الله وقفه العبد الابق ‌و‌ تعود اليه عوده الانسان الخاطى ء فتجبر ‌ما‌ صدعت ‌و‌ تلحم ‌ما‌ كسرت... فان كانت المعصيه لله عدت اليه فاديت ‌ما‌ عليك ‌ان‌ امكن ‌و‌ الا استغفرت الله ‌و‌ تبت اليه ‌و‌ ‌ان‌ كان الامر متعلقا بحق العباد عدت اليهم فوضعت نفسك بتصرفهم ‌او‌ وضعت مالك تحت يدهم ‌و‌ بذلك تتحقق التوبه ‌و‌ تدركها ‌و‌ هذا امر ميسور يدخل تحت الامكان ‌و‌ تحت قدره الانسان... انها الامه المرحومه... امه رسول الله. فلكرامه النبى ‌و‌ فضله عند الله لم يواخذنا كما آخذ الامم الماضيه عند التوبه... بل عاملنا عكس ‌ما‌ كان يعامل ‌به‌ الامم السابقه عندما كانت تعصى ‌او‌ تسى ء، كان ياخذهم بانواع العذاب ‌و‌ يعجل لهم العقوبه فمنهم ‌من‌ خسف بهم الارض ‌و‌ منهم ‌من‌ ارسل عليهم الريح ‌و‌ منهم ‌من‌ اخذهم بالطوفان ‌و‌ منهم ‌من‌ اخذتهم الصيحه.
 ‌و‌ ‌من‌ اراد ‌ان‌ يتوب اخذهم باشد البلاء لتقبل توبتهم فان بنى اسرائيل عندما انحرفوا عن عباده الله الى عباده العجل امرهم الله ‌ان‌ يقتلوا انفسهم قال تعالى حاكيا قول موسى ‌و‌ مصدقا له: ‌و‌ اذ قال موسى لقومه ‌يا‌ قوم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه ‌هو‌ التواب الرحيم.
 فاشترط الله عليهم لقبول توبتهم هذا التكليف الشاق العظيم ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يعمدوا الى قتل انفسهم ‌و‌ ‌فى‌ ذلك ‌ما‌ فيه ‌من‌ الشده ‌و‌ المشقه التى ‌لا‌ يتحملها الا ‌من‌ آمن بالله ‌و‌ توجه اليه بقلبه ‌و‌ عواطفه ‌و‌ ‌كم‌ نجد الفرق كبيرا بين هذه التوبه المقرونه بهذا التكليف الشاق ‌و‌ بين امه محمد فانه سبحانه لم ياخذها بالشده ‌و‌ القساوه ‌و‌ لم يكلفها ‌ما‌ ‌لا‌ طاقه لها ‌به‌ ‌و‌ ‌لا‌ قدره لها عليه... فكل تكليف فيه مشقه ‌و‌ حرج على الناس لم يكلفنا به، فالوضوء اذا كان استعمال الماء حرجيا لشده البرد ‌و‌ قساوه الجو سقط ‌و‌ عدل عنه الى التيمم، فلم يكلفنا الا ‌ما‌ نطيق قال تعالى: ‌لا‌ يكلف الله نفسا الا وسعها... ‌و‌ قال تعالى: يريد الله بكم اليسر ‌و‌ ‌لا‌ يريد بكم العسر... انه سبحانه قطع اعذارنا ‌و‌ حججنا اذا اردنا ‌ان‌ نعتذر عن عدم القيام بتكليف واجب علينا لانه سبحانه لم يكلفنا الا ‌ما‌ نطيق ‌و‌ لم يرد منا الا ‌ما‌ ‌هو‌ ميسور لنا، نقدر على القيام ‌به‌ ‌و‌ بعد هذا اذا سقط احدنا ‌و‌ هلك فانما يكون السقوط ‌و‌ الهلاك بما كسبت يداه...
 
 قواعد الرحمه:
 
 الاسلام كله رحمه، عقائده، تشريعاته، عباداته، معاملاته، آدابه، اخلاقه، ‌و‌ تتجلى هذه الرحمه بصوره اوضح ‌و‌ اعظم ‌فى‌ بعض القواعد العامه مثل قاعده اليسر ‌و‌ رفع الحرج ‌و‌ قاعده ‌لا‌ ضرر ‌و‌ ‌لا‌ ضرار...
 فالله سبحانه ‌و‌ تعالى يقول: ‌و‌ ‌ما‌ جعل عليكم ‌فى‌ الدين ‌من‌ حرج
 ‌و‌ يقول تعالى: يريد بكم اليسر ‌و‌ ‌لا‌ يريد بكم العسر.
 - ‌و‌ يقول رسول الله ص: بعثت بالحنفيه السمحه السهله.
 فهذه قواعد عامه تضعك امام اجواء مريحه واسعه ‌لا‌ ضيق فيها، انك تنطلق ‌فى‌ مجالات الحياه ‌و‌ دروبها ‌و‌ تنفتح على العالم ‌من‌ حولك دون تعقيد ‌او‌ تشديد، ‌ان‌ بيدك رخصا شرعيه تفسح لك المجال لتخوض غمار الحياه ‌و‌ تسبح دون اثم ‌او‌ حرج...
 كل حكم فيه حرج ‌و‌ عسر يرتفع عن الشخص فاذا كانت صلاتك ‌من‌ قيام فيها حرج عليك لمرض شديد استطعت ‌ان‌ تصلى ‌من‌ جلوس ‌و‌ اذا تعذرت عليك الحركه انتقلت صلاتك الى الايماء...
 ‌و‌ اذا كان اطلاق لحيتك موجبا لمهانتك ‌و‌ الاستهزاء بك امكنك ‌ان‌ تحلقها لترفع الشده عنك... ‌و‌ اذا كان صوم شهر رمضان فيه شده ‌لا‌ تطاق عاده ارتفع الصوم ‌و‌ ‌حل‌ الافطار ‌و‌ هكذا دواليك... ‌و‌ قاعده ‌لا‌ ضرر التى تنفى كل حكم يوجب ضررا هى ‌من‌ اعظم النعم ‌و‌ اعظم المنن...
 ‌ان‌ سمره ‌بن‌ جندب كان يوذى الانصارى عندما كان يدخل يريد نخلته ‌فى‌ بستان الانصارى فحاوره ‌ان‌ يستاذن عند الدخول فرفض محتجا ‌ان‌ له الحق ‌فى‌ الدخول الى نخلته... عندها رفع الانصارى امره الى النبى فما كان ‌من‌ النبى ص الا ‌ان‌ استدعى سمره ‌و‌ قال له ‌ان‌ فلانا قد شكاك ‌و‌ زعم انك تمر عليه ‌و‌ على اهله بغير اذن فاستاذن عليه اذا اردت ‌ان‌ تدخل.
 فقال: ‌يا‌ رسول الله استاذن ‌فى‌ طريقى الى عذقى؟!
 فقال له رسول الله ص: خل عنه ‌و‌ لك مكانه عذق ‌فى‌ مكان كذا ‌و‌ كذا...
 فقال: لا.
 قال: فلك اثنان.
 قال: ‌لا‌ اريد.
 فلم يزل يزيده حتى بلغ عشره اعذق.
 فقال: لا.
 قال: فلك عشره ‌فى‌ مكان كذا ‌و‌ كذا فابى.
 فقال: خل عنه ‌و‌ لك مكانه عذق ‌فى‌ الجنه.
 قال: ‌لا‌ اريد.
 فقال رسول الله ص: انك رجل مضار ‌و‌ ‌لا‌ ضرر ‌و‌ ‌لا‌ ضرار.
 ثم امر رسول الله فقلعت ‌و‌ رمى بها اليه ‌و‌ قال له: انطلق فاغرسها حيث شئت.
 فان سمره اراد استيفاء حقه مع الاضرار بالانصارى ‌و‌ لم يرض بكل تلك العروض النبويه الكريمه حتى عوضه رسول الله بدلها ‌فى‌ الجنه فرفض ‌و‌ لم يرض .
 ‌ان‌ سمره لم يرض بالجمع بين حقه ‌و‌ ‌حق‌ الانصارى بحيث يستوفى حقه دون ‌ان‌ يضر الانصارى بان يكون دخوله مع الاستئذان فدفع رسول الله شره ‌و‌ رفع ضرره بقلعها ‌و‌ رميها ‌فى‌ وجهه لانه مضار فهذه الحادثه تضعنا امام حكم ‌من‌ احكام الاسلام الواسعه... امام رحمه تطال الانسان ‌و‌ تشمل الجميع.
 
و التوبه التى هدانا الله اليها سهله المنال يمكن الوصول اليها ‌و‌ امتثالها ‌و‌ تحقيق مضمونها... لم تكن عملا شاقا على الانسان ‌ان‌ تقف امام الله وقفه العبد الابق ‌و‌ تعود اليه عوده الانسان الخاطى ء فتجبر ‌ما‌ صدعت ‌و‌ تلحم ‌ما‌ كسرت... فان كانت المعصيه لله عدت اليه فاديت ‌ما‌ عليك ‌ان‌ امكن ‌و‌ الا استغفرت الله ‌و‌ تبت اليه ‌و‌ ‌ان‌ كان الامر متعلقا بحق العباد عدت اليهم فوضعت نفسك بتصرفهم ‌او‌ وضعت مالك تحت يدهم ‌و‌ بذلك تتحقق التوبه ‌و‌ تدركها ‌و‌ هذا امر ميسور يدخل تحت الامكان ‌و‌ تحت قدره الانسان... انها الامه المرحومه... امه رسول الله. فلكرامه النبى ‌و‌ فضله عند الله لم يواخذنا كما آخذ الامم الماضيه عند التوبه... بل عاملنا عكس ‌ما‌ كان يعامل ‌به‌ الامم السابقه عندما كانت تعصى ‌او‌ تسى ء، كان ياخذهم بانواع العذاب ‌و‌ يعجل لهم العقوبه فمنهم ‌من‌ خسف بهم الارض ‌و‌ منهم ‌من‌ ارسل عليهم الريح ‌و‌ منهم ‌من‌ اخذهم بالطوفان ‌و‌ منهم ‌من‌ اخذتهم الصيحه.
 ‌و‌ ‌من‌ اراد ‌ان‌ يتوب اخذهم باشد البلاء لتقبل توبتهم فان بنى اسرائيل عندما انحرفوا عن عباده الله الى عباده العجل امرهم الله ‌ان‌ يقتلوا انفسهم قال تعالى حاكيا قول موسى ‌و‌ مصدقا له: ‌و‌ اذ قال موسى لقومه ‌يا‌ قوم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه ‌هو‌ التواب الرحيم.
 فاشترط الله عليهم لقبول توبتهم هذا التكليف الشاق العظيم ‌و‌ ‌هو‌ ‌ان‌ يعمدوا الى قتل انفسهم ‌و‌ ‌فى‌ ذلك ‌ما‌ فيه ‌من‌ الشده ‌و‌ المشقه التى ‌لا‌ يتحملها الا ‌من‌ آمن بالله ‌و‌ توجه اليه بقلبه ‌و‌ عواطفه ‌و‌ ‌كم‌ نجد الفرق كبيرا بين هذه التوبه المقرونه بهذا التكليف الشاق ‌و‌ بين امه محمد فانه سبحانه لم ياخذها بالشده ‌و‌ القساوه ‌و‌ لم يكلفها ‌ما‌ ‌لا‌ طاقه لها ‌به‌ ‌و‌ ‌لا‌ قدره لها عليه... فكل تكليف فيه مشقه ‌و‌ حرج على الناس لم يكلفنا به، فالوضوء اذا كان استعمال الماء حرجيا لشده البرد ‌و‌ قساوه الجو سقط ‌و‌ عدل عنه الى التيمم، فلم يكلفنا الا ‌ما‌ نطيق قال تعالى: ‌لا‌ يكلف الله نفسا الا وسعها... ‌و‌ قال تعالى: يريد الله بكم اليسر ‌و‌ ‌لا‌ يريد بكم العسر... انه سبحانه قطع اعذارنا ‌و‌ حججنا اذا اردنا ‌ان‌ نعتذر عن عدم القيام بتكليف واجب علينا لانه سبحانه لم يكلفنا الا ‌ما‌ نطيق ‌و‌ لم يرد منا الا ‌ما‌ ‌هو‌ ميسور لنا، نقدر على القيام ‌به‌ ‌و‌ بعد هذا اذا سقط احدنا ‌و‌ هلك فانما يكون السقوط ‌و‌ الهلاك بما كسبت يداه...
 
 قواعد الرحمه:
 
 الاسلام كله رحمه، عقائده، تشريعاته، عباداته، معاملاته، آدابه، اخلاقه، ‌و‌ تتجلى هذه الرحمه بصوره اوضح ‌و‌ اعظم ‌فى‌ بعض القواعد العامه مثل قاعده اليسر ‌و‌ رفع الحرج ‌و‌ قاعده ‌لا‌ ضرر ‌و‌ ‌لا‌ ضرار...
 فالله سبحانه ‌و‌ تعالى يقول: ‌و‌ ‌ما‌ جعل عليكم ‌فى‌ الدين ‌من‌ حرج
 ‌و‌ يقول تعالى: يريد بكم اليسر ‌و‌ ‌لا‌ يريد بكم العسر.
 - ‌و‌ يقول رسول الله ص: بعثت بالحنفيه السمحه السهله.
 فهذه قواعد عامه تضعك امام اجواء مريحه واسعه ‌لا‌ ضيق فيها، انك تنطلق ‌فى‌ مجالات الحياه ‌و‌ دروبها ‌و‌ تنفتح على العالم ‌من‌ حولك دون تعقيد ‌او‌ تشديد، ‌ان‌ بيدك رخصا شرعيه تفسح لك المجال لتخوض غمار الحياه ‌و‌ تسبح دون اثم ‌او‌ حرج...
 كل حكم فيه حرج ‌و‌ عسر يرتفع عن الشخص فاذا كانت صلاتك ‌من‌ قيام فيها حرج عليك لمرض شديد استطعت ‌ان‌ تصلى ‌من‌ جلوس ‌و‌ اذا تعذرت عليك الحركه انتقلت صلاتك الى الايماء...
 ‌و‌ اذا كان اطلاق لحيتك موجبا لمهانتك ‌و‌ الاستهزاء بك امكنك ‌ان‌ تحلقها لترفع الشده عنك... ‌و‌ اذا كان صوم شهر رمضان فيه شده ‌لا‌ تطاق عاده ارتفع الصوم ‌و‌ ‌حل‌ الافطار ‌و‌ هكذا دواليك... ‌و‌ قاعده ‌لا‌ ضرر التى تنفى كل حكم يوجب ضررا هى ‌من‌ اعظم النعم ‌و‌ اعظم المنن...
 ‌ان‌ سمره ‌بن‌ جندب كان يوذى الانصارى عندما كان يدخل يريد نخلته ‌فى‌ بستان الانصارى فحاوره ‌ان‌ يستاذن عند الدخول فرفض محتجا ‌ان‌ له الحق ‌فى‌ الدخول الى نخلته... عندها رفع الانصارى امره الى النبى فما كان ‌من‌ النبى ص الا ‌ان‌ استدعى سمره ‌و‌ قال له ‌ان‌ فلانا قد شكاك ‌و‌ زعم انك تمر عليه ‌و‌ على اهله بغير اذن فاستاذن عليه اذا اردت ‌ان‌ تدخل.
 فقال: ‌يا‌ رسول الله استاذن ‌فى‌ طريقى الى عذقى؟!
 فقال له رسول الله ص: خل عنه ‌و‌ لك مكانه عذق ‌فى‌ مكان كذا ‌و‌ كذا...
 فقال: لا.
 قال: فلك اثنان.
 قال: ‌لا‌ اريد.
 فلم يزل يزيده حتى بلغ عشره اعذق.
 فقال: لا.
 قال: فلك عشره ‌فى‌ مكان كذا ‌و‌ كذا فابى.
 فقال: خل عنه ‌و‌ لك مكانه عذق ‌فى‌ الجنه.
 قال: ‌لا‌ اريد.
 فقال رسول الله ص: انك رجل مضار ‌و‌ ‌لا‌ ضرر ‌و‌ ‌لا‌ ضرار.
 ثم امر رسول الله فقلعت ‌و‌ رمى بها اليه ‌و‌ قال له: انطلق فاغرسها حيث شئت.
 فان سمره اراد استيفاء حقه مع الاضرار بالانصارى ‌و‌ لم يرض بكل تلك العروض النبويه الكريمه حتى عوضه رسول الله بدلها ‌فى‌ الجنه فرفض ‌و‌ لم يرض .
 ‌ان‌ سمره لم يرض بالجمع بين حقه ‌و‌ ‌حق‌ الانصارى بحيث يستوفى حقه دون ‌ان‌ يضر الانصارى بان يكون دخوله مع الاستئذان فدفع رسول الله شره ‌و‌ رفع ضرره بقلعها ‌و‌ رميها ‌فى‌ وجهه لانه مضار فهذه الحادثه تضعنا امام حكم ‌من‌ احكام الاسلام الواسعه... امام رحمه تطال الانسان ‌و‌ تشمل الجميع.
 
اللغه:
 دنا: اقترب ‌و‌ الادنى الاقرب.
 خليقته: مخلوقاته.
 همم العظماء ‌و‌ انظارهم دائما تتوجه الى اعلى القمم ‌و‌ ذرى المجد... دائما يتطلعون الى القدوه ‌و‌ المثل الاعلى ‌و‌ يتوجهون اليه ‌فى‌ سيرهم قاصدين بلوغه ‌و‌ الوصول اليه.
 ‌و‌ الحمد الذى يريد ‌ان‌ يوديه الامام ‌من‌ نفسه- ‌و‌ يريد ‌ان‌ يعلمنا كيف يكون- ‌هو‌ حمد ‌فى‌ اعلى مراتب الحمد... حمد يشمل جميع ‌ما‌ حمده ‌به‌ الملائكه المقربون اليه، كيفا ‌و‌ كما...
 كل محامد الملائكه المقربين الذين ‌هم‌ على معرفه اكثر ‌من‌ غيرهم بحمده يريد الامام ‌ان‌ يحمد الله بهذا الحمد كله... بل يريد ايضا ‌ان‌ يكون حمده لله بمستوى حمد اكرم مخلوقاته عليه...
 ثم ‌ان‌ الامام يعرف ‌ان‌ حمد المقربين اليه ‌و‌ اكرمهم عليه ‌و‌ ارضاهم عنده ايضا صغير ‌و‌ قليل فلذا يعدل عنه ‌و‌ يتجاوز عنه الى ‌ما‌ ‌لا‌ يمكن احصاوه ‌و‌ ادراكه، فلذا يحمد الله بحمد يفوق سائر ‌ما‌ حمده ‌به‌ الحامدون... حمدا بدون حدود ‌و‌ قيود ‌لا‌ يدركه عاقل ‌و‌ ‌لا‌ يقف على عده حاسب... حمدا ‌لا‌ يدرك كيفه ‌و‌ ‌لا‌ كمه، ‌و‌ ‌لا‌ يمكن الوصول الى حقيقته... حمدا ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يقاس بغيره ‌من‌ محامد مخلوقات الله... فكما ‌ان‌ الله متفرد بذاته ‌و‌ حقيقته ‌و‌ صفاته ‌و‌ ‌لا‌ يمكن تشبيهه بعباده ‌او‌ قياسه بهم ‌او‌ مقارنته باحد منهم كذلك الحمد الذى يريده الامام بالنسبه الى سائر محامد المخلوقات... حمدا ‌لا‌ يدرك بتصور ‌او‌ وهم...
 ‌و‌ الامام يتدرج ‌فى‌ حمده ‌من‌ درجه الى اخرى اعلى منها حتى يصل الى الحمد الذى يسقط عنده الحساب ‌و‌ القياس ‌و‌ المقارنه ‌و‌ ‌هو‌ الغايه...
 
اللغه:
 دنا: اقترب ‌و‌ الادنى الاقرب.
 خليقته: مخلوقاته.
 همم العظماء ‌و‌ انظارهم دائما تتوجه الى اعلى القمم ‌و‌ ذرى المجد... دائما يتطلعون الى القدوه ‌و‌ المثل الاعلى ‌و‌ يتوجهون اليه ‌فى‌ سيرهم قاصدين بلوغه ‌و‌ الوصول اليه.
 ‌و‌ الحمد الذى يريد ‌ان‌ يوديه الامام ‌من‌ نفسه- ‌و‌ يريد ‌ان‌ يعلمنا كيف يكون- ‌هو‌ حمد ‌فى‌ اعلى مراتب الحمد... حمد يشمل جميع ‌ما‌ حمده ‌به‌ الملائكه المقربون اليه، كيفا ‌و‌ كما...
 كل محامد الملائكه المقربين الذين ‌هم‌ على معرفه اكثر ‌من‌ غيرهم بحمده يريد الامام ‌ان‌ يحمد الله بهذا الحمد كله... بل يريد ايضا ‌ان‌ يكون حمده لله بمستوى حمد اكرم مخلوقاته عليه...
 ثم ‌ان‌ الامام يعرف ‌ان‌ حمد المقربين اليه ‌و‌ اكرمهم عليه ‌و‌ ارضاهم عنده ايضا صغير ‌و‌ قليل فلذا يعدل عنه ‌و‌ يتجاوز عنه الى ‌ما‌ ‌لا‌ يمكن احصاوه ‌و‌ ادراكه، فلذا يحمد الله بحمد يفوق سائر ‌ما‌ حمده ‌به‌ الحامدون... حمدا بدون حدود ‌و‌ قيود ‌لا‌ يدركه عاقل ‌و‌ ‌لا‌ يقف على عده حاسب... حمدا ‌لا‌ يدرك كيفه ‌و‌ ‌لا‌ كمه، ‌و‌ ‌لا‌ يمكن الوصول الى حقيقته... حمدا ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يقاس بغيره ‌من‌ محامد مخلوقات الله... فكما ‌ان‌ الله متفرد بذاته ‌و‌ حقيقته ‌و‌ صفاته ‌و‌ ‌لا‌ يمكن تشبيهه بعباده ‌او‌ قياسه بهم ‌او‌ مقارنته باحد منهم كذلك الحمد الذى يريده الامام بالنسبه الى سائر محامد المخلوقات... حمدا ‌لا‌ يدرك بتصور ‌او‌ وهم...
 ‌و‌ الامام يتدرج ‌فى‌ حمده ‌من‌ درجه الى اخرى اعلى منها حتى يصل الى الحمد الذى يسقط عنده الحساب ‌و‌ القياس ‌و‌ المقارنه ‌و‌ ‌هو‌ الغايه...
 
احاط به: احدق ‌به‌ ‌من‌ جوانبه ‌و‌ يقال احاط بالامر علما ‌اى‌ احدق ‌به‌ علمه ‌من‌ جميع جهاته.
 ابدا: ظرف زمان للتاكيد ‌فى‌ المستقبل نفيا ‌و‌ اثباتا يقال ‌لا‌ افعله ابدا ‌او‌ افعله ابدا ‌و‌ الابدى ‌ما‌ ‌لا‌ نهايه له.
 السرمدى: ‌ما‌ ‌لا‌ اول له ‌و‌ ‌لا‌ آخر.
 ‌و‌ لئلا ينقطع الحمد بالعجز فلا ‌بد‌ ‌من‌ الحمد بما انعم ‌به‌ علينا ففى مكان كل نعمه انعمها علينا له الحمد ‌و‌ كذلك له الحمد على كل نعمه انعمها على ‌من‌ مضى ‌من‌ عباده ‌و‌ ‌ما‌ ياتى منهم الى الحياه...
 حمدا بعدد ‌ما‌ خلق مما نعلم ‌و‌ مما ‌لا‌ نعلم، مما نعرف ‌و‌ مما ‌لا‌ نعرف بل له الحمد اضعافا مضاعفه كما يريد حمدا دائما ‌لا‌ حدود لاوله ‌و‌ ‌لا‌ لاخره الى يوم القيامه ‌و‌ الحساب...
 
الامد: الغايه ‌و‌ منتهى الشى ء.
 الوصله: يقال وصله الى المكان ‌اى‌ بلغه ‌و‌ انتهى اليه.
 ذريعه: وسيله.
 خفره ‌و‌ خفر ‌به‌ ‌و‌ عليه: اجاره ‌و‌ حماه ‌و‌ امنه ‌و‌ الخفير المجير ‌و‌ الحامى.
 الظهير: المعين.
 النظم: الجماعه.
 حمدا تسقط عنده اعتبارات العدد ‌و‌ المده ‌و‌ الكيفيه فلا يحصيه حساب ‌و‌ ‌لا‌ عدد ‌و‌ ‌لا‌ يعرف كيفيته ‌او‌ يدركه احد ‌و‌ ‌لا‌ ينقطع ‌فى‌ وقت ‌او‌ زمن محدد...
 
فهو حمد ذو خصائص ‌و‌ آثار يمكن ‌ان‌ نتوقف عند عشره منها...
 1- ‌ان‌ يكون حمدا موصلا الى طاعته ‌و‌ عفوه.
 2- ‌ان‌ يكون حمدا سببا الى رضوانه.
 3- ‌ان‌ يكون حمدا ذريعه الى معرفته.
 4- ‌ان‌ يكون طريقا الى جنته.
 5- ‌ان‌ يكون خفيرا- حافظا- ‌من‌ نقمته.
 6- ‌ان‌ يكون امنا ‌من‌ غضبه.
 7- ‌ان‌ يكون ظهيرا- معاونا- على طاعته.
 8- ‌ان‌ يكون حاجزا عن معصيته.
 9- ‌ان‌ يكون عونا على تاديه حقه ‌و‌ وظائفه.
 10- ‌ان‌ يكون حمدا يوهلنا للشهاده ‌و‌ الفوز بمرافقه السعداء ‌من‌ الشهداء.
 
الامد: الغايه ‌و‌ منتهى الشى ء.
 الوصله: يقال وصله الى المكان ‌اى‌ بلغه ‌و‌ انتهى اليه.
 ذريعه: وسيله.
 خفره ‌و‌ خفر ‌به‌ ‌و‌ عليه: اجاره ‌و‌ حماه ‌و‌ امنه ‌و‌ الخفير المجير ‌و‌ الحامى.
 الظهير: المعين.
 النظم: الجماعه.
 حمدا تسقط عنده اعتبارات العدد ‌و‌ المده ‌و‌ الكيفيه فلا يحصيه حساب ‌و‌ ‌لا‌ عدد ‌و‌ ‌لا‌ يعرف كيفيته ‌او‌ يدركه احد ‌و‌ ‌لا‌ ينقطع ‌فى‌ وقت ‌او‌ زمن محدد...
 
فهو حمد ذو خصائص ‌و‌ آثار يمكن ‌ان‌ نتوقف عند عشره منها...
 1- ‌ان‌ يكون حمدا موصلا الى طاعته ‌و‌ عفوه.
 2- ‌ان‌ يكون حمدا سببا الى رضوانه.
 3- ‌ان‌ يكون حمدا ذريعه الى معرفته.
 4- ‌ان‌ يكون طريقا الى جنته.
 5- ‌ان‌ يكون خفيرا- حافظا- ‌من‌ نقمته.
 6- ‌ان‌ يكون امنا ‌من‌ غضبه.
 7- ‌ان‌ يكون ظهيرا- معاونا- على طاعته.
 8- ‌ان‌ يكون حاجزا عن معصيته.
 9- ‌ان‌ يكون عونا على تاديه حقه ‌و‌ وظائفه.
 10- ‌ان‌ يكون حمدا يوهلنا للشهاده ‌و‌ الفوز بمرافقه السعداء ‌من‌ الشهداء.
 
الامد: الغايه ‌و‌ منتهى الشى ء.
 الوصله: يقال وصله الى المكان ‌اى‌ بلغه ‌و‌ انتهى اليه.
 ذريعه: وسيله.
 خفره ‌و‌ خفر ‌به‌ ‌و‌ عليه: اجاره ‌و‌ حماه ‌و‌ امنه ‌و‌ الخفير المجير ‌و‌ الحامى.
 الظهير: المعين.
 النظم: الجماعه.
 حمدا تسقط عنده اعتبارات العدد ‌و‌ المده ‌و‌ الكيفيه فلا يحصيه حساب ‌و‌ ‌لا‌ عدد ‌و‌ ‌لا‌ يعرف كيفيته ‌او‌ يدركه احد ‌و‌ ‌لا‌ ينقطع ‌فى‌ وقت ‌او‌ زمن محدد...
 
فهو حمد ذو خصائص ‌و‌ آثار يمكن ‌ان‌ نتوقف عند عشره منها...
 1- ‌ان‌ يكون حمدا موصلا الى طاعته ‌و‌ عفوه.
 2- ‌ان‌ يكون حمدا سببا الى رضوانه.
 3- ‌ان‌ يكون حمدا ذريعه الى معرفته.
 4- ‌ان‌ يكون طريقا الى جنته.
 5- ‌ان‌ يكون خفيرا- حافظا- ‌من‌ نقمته.
 6- ‌ان‌ يكون امنا ‌من‌ غضبه.
 7- ‌ان‌ يكون ظهيرا- معاونا- على طاعته.
 8- ‌ان‌ يكون حاجزا عن معصيته.
 9- ‌ان‌ يكون عونا على تاديه حقه ‌و‌ وظائفه.
 10- ‌ان‌ يكون حمدا يوهلنا للشهاده ‌و‌ الفوز بمرافقه السعداء ‌من‌ الشهداء.
 

برچسب ها :
نظرات کاربران (0)
ارسال دیدگاه