لطفا منتظر باشید

فى الاعتذار

«1» اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ ‌من‌ مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْهُ ، ‌و‌ ‌من‌ مَعْرُوفٍ أُسْدِيَ إِلَيَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ ، ‌و‌ ‌من‌ مُسِي ءٍ اعْتَذَرَ إِلَيَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ ، ‌و‌ ‌من‌ ذِي فَاقَةٍ سَأَلَنِي فَلَمْ أُوثِرْهُ ، ‌و‌ ‌من‌ ‌حق‌ ذِي ‌حق‌ لَزِمَنِي لِمُؤْمِنٍ فَلَمْ أُوَفِّرْهُ ، ‌و‌ ‌من‌ عَيْبِ مُؤْمِنٍ ظَهَرَ لِي فَلَمْ أَسْتُرْهُ ، ‌و‌ ‌من‌ كُلِّ إِثْمٍ عَرَضَ لِي فَلَمْ أَهْجُرْهُ . «2» أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ ‌يا‌ إِلَهِي مِنْهُنَّ ‌و‌ ‌من‌ نَظَائِرِهِنَّ اعْتِذَارَ نَدَامَةٍ يَكُونُ وَاعِظاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ ‌من‌ أَشْبَاهِهِنَّ . «3» فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ آلِهِ ، ‌و‌ اجْعَلْ نَدَامَتِي عَلَى ‌ما‌ وَقَعْتُ فِيهِ ‌من‌ الزَّلَّاتِ ، ‌و‌ عَزْمِي عَلَى تَرْكِ ‌ما‌ يَعْرِضُ لِي ‌من‌ السَّيِّئَاتِ ، تَوْبَةً تُوجِبُ لِي مَحَبَّتَكَ ، ‌يا‌ مُحِبَّ التَّوَّابِينَ
 
 اللغه:
 التبعات: جمع تبعه ‌و‌ هى الظلامه.
 فك رقبه: تحريرها ‌و‌ اطلاق سراحها.
 
بحضرتى: بحضورى.
 المعروف: الخير ‌و‌ الاحسان.
 اسدى اليه معروفا: اعطاه ‌و‌ منحه.
 الفاقه: الفقر ‌و‌ الحاجه.
 الايثار: تقديم الغير على النفس.
 الهجر: المفارقه.
 هذه مفردات تقع ‌فى‌ حياه كل منا... انها اخطاء تتكرر ‌فى‌ كل يوم ‌و‌ نراها عند كثير ‌من‌ الناس ‌و‌ عندنا... ‌و‌ الامام يقف امام كل واحده منها ليودى لها حقها ‌و‌ يخرج ‌من‌ تبعاتها ‌و‌ ‌ما‌ وراءها ‌من‌ الاثم ‌و‌ العقاب... انها سيئات يجب ‌ان‌ ينفض الانسان منها يده، ‌و‌ يبرا ‌من‌ ممارستها ‌و‌ القيام بها... عده قبائح يجب الاجتناب عنها. ‌و‌ هى:
 الاولى: ‌ان‌ الاسلام ‌لا‌ يقول بحرمه الظلم فحسب بل يقول انه يحرم عليك ‌ان‌ ترى الظلم فلا ترفعه اذا كنت قادرا على رفعه ‌و‌ ‌من‌ هنا يتوجه الامام الى الله ‌فى‌ طلب العفو عنه ‌و‌ التوبه منه ‌ان‌ يكون قد ظلم احد بوجوده ‌و‌ حضوره ‌و‌ لم يدفع الظلم عنه... انها كبيره ‌من‌ الكبائر ‌ان‌ ترى الظلم يتحرك ليبسط بظله الثقيل على الناس ثم ‌لا‌ تتحرك انت لتقضى عليه ‌و‌ تزيله ‌من‌ الوجود... درس رائع ينبهنا عليه الامام ‌و‌ يقول فيه لكل الناس الذين يرون الظلم يمارس على عباد الله ثم يغفلون عنه ‌و‌ كانه امر ‌لا‌ يعنيهم ‌و‌ ليسوا مسئوولين عنه ‌و‌ قد وردت الاحاديث بوجوب نصره المظلوم ‌و‌ رفع الظلم عنه ‌و‌ يكفى ‌ان‌ النبى قال عندما جرى الحديث عن حلف الفضول الذى كان قائما ‌فى‌ الجاهليه لنصره المظلوم قال: لو دعيت اليه ‌و‌ انا ‌فى‌ الاسلام لاجبت...
 الثانيه: ‌و‌ ‌من‌ معروف اسدى الى فلم اشكره.
 ‌و‌ المعروف ‌هو‌ كل فعل حسن سواء تمثل ‌فى‌ الامور الماديه ‌او‌ المعنويه فان ذلك يستحق الشكر فمن قدم لك مالا وجب عليك شكره ‌و‌ ‌من‌ هداك الطريق ‌و‌ علمك وجب عليك شكره ‌و‌ ‌من‌ انقذك ‌من‌ مصيبه وجب عليك شكره ‌و‌ هكذا ‌و‌ قد وردت الاحاديث بوجوب شكر اهل المعروف.
 - عن رسول الله ص قال: ‌من‌ اتى اليه معروف فليكاف ‌به‌ فان عجز فليثن عليه فان لم يفعل فقد كفر النعمه.
 - ‌و‌ قال الصادق ع: ‌من‌ ‌حق‌ الشكر لله ‌ان‌ تشكر ‌من‌ اجرى تلك النعمه على يده.
 - ‌و‌ عن النبى ص: ‌لا‌ يشكر الله ‌من‌ ‌لا‌ يشكر الناس.
 الثالثه: ‌و‌ ‌من‌ مسى ء اعتذر الى فلم اعذره.
 قاعده عامه: كل واحد منا يخطى ء ‌و‌ لكن ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يبقى على خطاه فان كان الخطا مع الله تاب اليه ‌و‌ ‌ان‌ كان مع الناس اعتذر اليهم ‌و‌ هنا اذا اعتذر اليك ‌من‌ اخطا معك وجب عليك ‌ان‌ تقبل عذره مهما كان فيه ‌من‌ التصنع ‌و‌ عدم الصحه ‌و‌ هذا قد جعله الاسلام ‌من‌ اجل عوده اللحمه الى الناس ‌و‌ عدم جواز الفرقه ‌و‌ الاختلاف...
 - ‌فى‌ وصيه النبى للامام على قوله: ‌يا‌ على ‌من‌ لم يقبل العذر ‌من‌ متنصل صادقا كان ‌او‌ كاذبا لم تنله شفاعتى.
 الرابعه: ‌و‌ ‌من‌ ذى فاقه سالنى فلم اوثره.
 ‌و‌ هنا تستجيب النفوس الطيبه ‌و‌ تتحرك لتقدم للناس ‌ما‌ ‌هم‌ بحاجه اليه انها توثر غيرها على نفسها رجاء رضا الله ‌و‌ مغفرته ‌و‌ قد اثنى الله على اهل البيت ‌و‌ مدحهم ‌و‌ انزل فيهم قرآنا يتلى ‌فى‌ قضيه الاطعام حيث آثروا اليتيم ‌و‌ المسكين ‌و‌ الاسير فقال تعالى: ‌و‌ يطعمون الطعام على حبه مسكينا ‌و‌ يتيما ‌و‌ اسيرا، انما نطعمكم لوجه الله ‌لا‌ نريد منكم جزاء ‌و‌ ‌لا‌ شكورا.
 - عن الصادق ع: ايما مومن منع مومنا شيئا مما يحتاج اليه ‌و‌ ‌هو‌ يقدر عليه ‌من‌ عنده ‌او‌ ‌من‌ عند غيره اقامه الله يوم القيامه مسودا وجهه مزرقه عيناه مغلوله يداه الى عنقه فيقال: هذا الخائن الذى خان الله ‌و‌ رسوله ثم يومر ‌به‌ الى النار.
 الخامسه: ‌و‌ ‌من‌ ‌حق‌ ذى ‌حق‌ لزمنى لمومن فلم اوفره.
 ‌و‌ للمومن على المومن حقوق كثيره ذكرتها الاحاديث عن اهل البيت ‌و‌ انا اذكر منها هذا الحديث:
 - عن المعلى ‌بن‌ خنيس عن ابى عبدالله ع قال: قلت له: ‌ما‌ ‌حق‌ المسلم على المسلم.
 قال: له سبع حقوق واجبات ‌ما‌ منهن ‌حق‌ الا ‌و‌ ‌هو‌ عليه واجب ‌ان‌ ضيع منها شيئا خرج ‌من‌ ولايه الله ‌و‌ طاعته ‌و‌ لم يكن لله فيه نصيب
 قلت له: جعلت فداك ‌و‌ ‌ما‌ هى؟
 قال: ‌يا‌ معلى انى عليك شفيق اخاف ‌ان‌ تضيع ‌و‌ ‌لا‌ تحفظ ‌و‌ تعلم ‌و‌ ‌لا‌ تعمل
 قلت: ‌لا‌ قوه الا بالله.
 - قال: الحق الاول: ايسر ‌حق‌ منها ‌ان‌ تحب له ‌ما‌ تحب لنفسك ‌و‌ تكره له ‌ما‌ تكره لنفسك.
 - الحق الثانى: ‌ان‌ تجتنب سخطه ‌و‌ تتبع مرضاته ‌و‌ تطيع امره.
 - الحق الثالث: ‌ان‌ تعينه بنفسك ‌و‌ مالك ‌و‌ لسانك ‌و‌ يدك ‌و‌ رجلك.
 - الحق الرابع: ‌ان‌ تكون عينه ‌و‌ دليله ‌و‌ مرآته.
 - الحق الخامس: ‌ان‌ ‌لا‌ تشبع ‌و‌ يجوع ‌و‌ ‌لا‌ تروى ‌و‌ يظما ‌و‌ ‌لا‌ تلبس ‌و‌ يعرى.
 - ‌و‌ الحق السادس: ‌ان‌ يكون لك خادم ‌و‌ ليس لاخيك خادم فواجب ‌ان‌ تبعث خادمك فتغسل ثيابه ‌و‌ تصنع طعامه ‌و‌ تمهد فراشه.
 - ‌و‌ الحق السابع: ‌ان‌ تبر قسمه ‌و‌ تجيب دعوته ‌و‌ تعود مريضه ‌و‌ تشهد جنازته ‌و‌ اذا علمت ‌ان‌ له حاجه تبادره الى قضائها ‌و‌ ‌لا‌ تلجئه الى ‌ان‌ يسالكها ‌و‌ لكن تبادره مبادره فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته ‌و‌ ولايته بولايتك...
 السادسه: ‌و‌ ‌من‌ عيب مومن ظهر لى فلم استره.
 ‌لا‌ يجوز التجسس على المومنين لكشف اسرارهم ‌و‌ ‌ما‌ ‌هم‌ فيه ‌و‌ لكن لو ظهر لك ‌من‌ باب الصدفه عيب احد المومنين ‌لا‌ يجوز هتكه ‌و‌ كشفه امام الناس... ‌لا‌ يجوز ذلك ‌ان‌ تشهر ‌به‌ ‌و‌ تشير اليه امام الناس بعيوبه ‌و‌ لذا الامام يسال الله ‌ان‌ يرفع هذا التقصير الذى ربما صدر منه ارواء للنفس الاماره بالسوء... ‌و‌ هذا منه تعليم لنا ‌و‌ تاديب لنكون اعضاء صالحين ‌فى‌ هذا البناء الضخم ‌من‌ المجتمع...
 السابعه: ‌و‌ ‌من‌ كل اثم عرض لى فلم اهجره.
 كل امر محرم يمكن ‌ان‌ تحدثك نفسك بارتكابه فارتكبته يجب التوبه منه ‌و‌ العوده عنه الى الله ‌و‌ هذا ‌هو‌ الايمان الصحيح ‌ان‌ تقف امام المعاصى مقام الخائف الراهب ‌و‌ اذا سولت لك نفسك عدت الى الله ‌و‌ رجعت اليه...
 
بعد ‌ان‌ ذكر الامام هذه الامور التى قد يرتكبها كل واحد منا اراد ‌ان‌ يعلمنا كيف يكون الخروج منها... انه ‌لا‌ يمكن التحلل منها الا بالوقوف بين يدى الله ‌و‌ اعلان التوبه له... ‌ان‌ نقف لنقدم الاعتذار لله منها ‌و‌ ‌من‌ كل محرم مثلها ‌و‌ ياخذنا الندم على فعلها ‌و‌ يكون ذلك الموقف ‌و‌ الندم سببا ‌فى‌ ردعنا عن كل ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ يمر علينا ‌من‌ الحرام فلا نمارسه ‌و‌ ‌لا‌ نقبل ‌به‌ ‌و‌ ‌لا‌ نرضى لاحد ‌ان‌ يقوم به... هذا الندم ‌هو‌ الذى يدفعنا الى عدم اقتراف شى ء منها ‌فى‌ ايامنا هذه ‌و‌ فيما ياتى ‌و‌ يكون رادعا لنا عن كل حرام...
 
الزلات: الخطيئات.
 
اللهم انى اعتذر اليك ‌من‌ مظلوم ظلم بحضرتى فلم انصره ‌و‌ ‌من‌ معروف اسدى الى فلم اشكره ‌و‌ ‌من‌ مسى ء اعتذر الى فلم اعذره ‌و‌ ‌من‌ ذى فاقه سالنى فلم اوثره ‌و‌ ‌من‌ ‌حق‌ ذى ‌حق‌ لزمنى لمومن فلم اوفره ‌و‌ ‌من‌ عيب مومن ظهر لى فلم استره ‌و‌ ‌من‌ كل اثم عرض لى فلم اهجره
 اللهم اسالك ‌ان‌ تصلى على محمد ‌و‌ آله ‌و‌ اجعل هذه الندامه على ‌ما‌ وقع منى ‌من‌ السيئات ‌و‌ المعاصى ‌و‌ كون عزمى ‌و‌ ارادتى ‌ان‌ اترك ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ يعرض لى منها اجعل ذلك توبه صادقه تكتب لى بها محبتك التى هى رضاك ‌و‌ ‌ما‌ يتبعه ‌من‌ النعيم ‌و‌ السعاده انك ‌يا‌ رب تحب التوابين كما قلت ‌فى‌ كتابك: ‌ان‌ الله يحب التوابين...
 

برچسب ها :
نظرات کاربران (0)
ارسال دیدگاه