
فى دفع كید الاعداء
«1» إِلَهِي هَدَيْتَنِي فَلَهَوْتُ ، و وَعَظْتَ فَقَسَوْتُ ، و أَبْلَيْتَ الْجَمِيلَ فَعَصَيْتُ ، ثُمَّ عَرَفْتُ ما أَصْدَرْتَ إِذْ عَرَّفْتَنِيهِ ، فَاسْتَغْفَرْتُ فَأَقَلْتَ ، فَعُدْتُ فَسَتَرْتَ ، فَلَكَ إِلَهِي الْحَمْدُ . «2» تَقَحَّمْتُ أَوْدِيَةَ الْهَلَاكِ ، و حَلَلْتُ شِعَابَ تَلَفٍ ، تَعَرَّضْتُ فِيهَا لِسَطَوَاتِكَ و بِحُلُولِهَا عُقُوبَاتِكَ . «3» و وَسِيلَتِي إِلَيْكَ التَّوْحِيدُ ، و ذَرِيعَتِي أَنِّي لَمْ أُشْرِكْ بِكَ شَيْئاً ، و لَمْ أَتَّخِذْ مَعَكَ إِلَهاً ، و قَدْ فَرَرْتُ إِلَيْكَ بِنَفْسِي ، و إِلَيْكَ مَفَرُّ الْمُسي ءِ ، و مَفْزَعُ الْمُضَيِّعِ لِحَظِّ نَفْسِهِ الْمُلْتَجِىِ . «4» فَكَمْ من عَدُوٍّ انْتَضَى عَلَيَّ سَيْفَ عَدَاوَتِهِ ، و شَحَذَ لِي ظُبَةَ مُدْيَتِهِ ، و أَرْهَفَ لِي شَبَا حَدِّهِ ، و دَافَ لِي قَوَاتِلَ سُمُومِهِ ، و سَدَّدَ نَحْوِي صَوَائِبَ سِهَامِهِ ، و لَمْ تَنَمْ عَنِّي عَيْنُ حِرَاسَتِهِ ، و أَضْمَرَ أَنْ يَسُومَنِي الْمَكْرُوهَ ، و يُجَرِّعَنِي زُعَاقَ مَرَارَتِهِ . «5» فَنَظَرْتَ يا إِلَهِي إِلَى ضَعْفِي عَنِ احْتَِمالِ الْفَوَادِحِ ، و عَجْزِي عَنِ الِانْتِصَارِ مِمَّنْ قَصَدَنِي بِمُحَارَبَتِهِ ، و وَحْدَتِي فِي كَثِيرِ عَدَدِ من نَاوَانِي ، و أَرْصَدَ لِي بِالْبَلَاءِ فِيما لَمْ أُعْمِلْ فِيهِ فِكْرِي . «6» فَابْتَدَأْتَنِي بِنَصْرِكَ ، و شَدَدْتَ أَزْرِي بِقُوَّتِكَ ، ثُمَّ فَلَلْتَ لِي حَدَّهُ ، و صَيَّرْتَهُ من بَعْدِ جَمْعٍ عَدِيدٍ وَحْدَهُ ، و أَعْلَيْتَ كَعْبِي عَلَيْهِ ، و جَعَلْتَ ما سَدَّدَهُ مَرْدُوداً عَلَيْهِ ، فَرَدَدْتَهُ لَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ ، و لَمْ يَسْكُنْ غَلِيلُهُ ، قَدْ عَضَّ عَلَى شَوَاهُ و أَدْبَرَ مُوَلِّياً قَدْ أَخْلَفَتْ سَرَايَاهُ . «7» و كم من بَاغٍ بَغَانِي بِمَكَايِدِهِ ، و نَصَبَ لِي شَرَكَ مَصَايِدِهِ ، و وَكَّلَ بِي تَفَقُّدَ رِعَايَتِهِ ، و أَضْبَأَ إِلَيَّ إِضْبَاءَ السَّبُعِ لِطَرِيدَتِهِ انْتِظَاراً لِانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ لِفَرِيسَتِهِ ، و هو يُظْهِرُ لِي بَشَاشَةَ الْمَلَقِ ، و يَنْظُرُنِي عَلَى شِدَّةِ الْحَنَقِ . «8» فَلَمَّا رَأَيْتَ يا إِلَهِي تَبَاركْتَ و تَعَالَيْتَ دَغَلَ سَرِيرَتِهِ ، و قُبْحَ ما انْطَوَى عَلَيْهِ ، أَرْكَسْتَهُ لِأُمِّ رَأْسِهِ فِي زُبْيَتِهِ ، و رَدَدْتَهُ فِي مَهْوَى حُفْرَتِهِ ، فَانْقَمَعَ بَعْدَ اسْتِطَالَتِهِ ذَلِيلًا فِي رِبَقِ حِبَالَتِهِ الَّتِي كَانَ يُقَدِّرُ أَنْ يَرَانِي فِيهَا ، و قَدْ كَادَ أَنْ يَحُلَّ بِي لَوْ لا رَحْمَتُكَ ما حل بِسَاحَتِهِ . «9» و كم من حَاسِدٍ قَدْ شَرِقَ بِي بِغُصَّتِهِ ، و شَجِيَ مِنِّي بِغَيْظِهِ ، و سَلَقَنِي بِحَدِّ لِسَانِهِ ، و وَحَرَنِي بِقَرْفِ عُيُوبِهِ ، و جَعَلَ عِرْضِي غَرَضاً لِمَرَامِيهِ ، و قَلَّدَنِي خِلَالًا لَمْ تَزَلْ فِيهِ ، و وَحَرَنِي بِكَيْدِهِ ، و قَصَدَنِي بِمَكِيدَتِهِ . «10» فَنَادَيْتُكَ يا إِلَهِي مُسْتَغِيثاً بِكَ ، وَاثِقاً بِسُرْعَةِ إِجَابَتِكَ ، عَالِماً أَنَّهُ لا يُضْطَهَدُ من أَوَى إِلَى ظِلِّ كَنَفِكَ ، و لا يَفْزَعُ من لَجَأَ إِلَى مَعْقِلِ انْتِصَارِكَ ، فَحَصَّنْتَنِي من بَأْسِهِ بِقُدْرَتِكَ . «11» و كم من سَحَائِبِ مَكْرُوهٍ جَلَّيْتَهَا عَنِّي ، و سَحَائِبِ نِعَمٍ أَمْطَرْتَهَا عَلَيَّ ، و جَدَاوِلِ رَحْمَةٍ نَشَرْتَهَا و ، عَافِيَةٍ أَلْبَسْتَهَا ، و أَعْيُنِ أَحْدَاثٍ طَمَسْتَهَا ، و غَوَاشِيَ کُرُبَاتٍ کَشَفْتَهَا . «12» و كم من ظَنٍّ حَسَنٍ حَقَّقْتَ ، و عَدَمٍ جَبَرْتَ ، و صَرْعَةٍ أَنْعَشْتَ ، و مَسْكَنَةٍ حَوَّلْتَ . «13» كُلُّ ذَلِكَ إِنْعَاماً و تَطَوُّلًا مِنْكَ ، و فِي جَمِيعِهِ انْهِمَاكاً مِنِّي عَلَى مَعَاصِيكَ ، لَمْ تَمْنَعْكَ إِسَاءَتِي عَنْ إِتْمَامِ إِحْسَانِكَ ، و لا حَجَرَنِي ذَلِكَ عَنِ ارْتِكَابِ مَسَاخِطِكَ ، لا تُسْأَلُ عَمَّا تَفْعَلُ . «14» و لَقَدْ سُئِلْتَ فَأَعْطَيْتَ ، و لَمْ تُسْأَلْ فَابْتَدَأْتَ ، و اسْتُمِيحَ فَضْلُكَ فَمَا أَكْدَيْتَ ، أَبَيْتَ يا مَوْلَايَ إِلَّا إِحْسَاناً و امْتِنَاناً و تَطَوُّلًا و إِنْعَاماً ، و أَبَيْتُ إِلَّا تَقَحُّماً لِحُرُمَاتِكَ ، و تَعَدِّياً لِحُدُودِكَ ، و غَفْلَةً عَنْ وَعِيدِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي من مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ ، و ذِي أَنَاةٍ لا يَعْجَلُ . «15» هَذَا مَقَامُ من اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النِّعَمِ ، و قَابَلَهَا بِالتَّقْصِيرِ ، و شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّضْيِيعِ . «16» اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالُْمحَمَّدِيَّةِ الرَّفِيعَةِ ، و الْعَلَوِيَّةِ الْبَيْضَاءِ ، و أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِهِمَا أَنْ تُعِيذَنِي من شر كَذَا و كَذَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَضِيقُ عَلَيْكَ فِي وُجْدِكَ ، و لا يَتَكَأَّدُكَ فِي قُدْرَتِکَ و أَنْتَ عَلَي کُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «17» فَهَبْ لِي يا إِلَهِي من رَحْمَتِكَ و دَوَامِ تَوْفِيقِكَ ما أَتَّخِذُهُ سُلَّماً أَعْرُجُ به إِلَى رِضْوَانِكَ ، و آمَنُ به من عِقَابِكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
اللهو: الاشتغال بما يستمتع به مما لا يعنيه عما يعنيه.
الوعظ: زجر مقترن بالتخويف.
ابليت: اعطيت.
الاصدار: خلاف الايراد يقال اصدرت الابل اذا اتيت بها للشرب و اصدرتها اذا صرفتها.
اقلت: عفوت.
عدت: رجعت.
الهى هديتنى فلهوت و وعظت فقسوت و ابليت الجميل فعصيت ثم عرفت ما اصدرت اذ عرفتنيه فاستغفرت فاقلت فعدت فسترت فلك الهى الحمد الهى قد دللتنى على طريق الهدى و الحق بارسالك الرسل و انزال البينات و اخذت بيدى لما فيه الفوز و النجاه و لكنى لهوت و اشتغلت بما لا يهمنى و لا يعنينى و قد زجرتنى عن المعصيه و خوفتنى آثارها المترتبه عليها و لكنى قسوت على نفسى حينما لم يرق هذا القلب القاسى للموعظه و لم يعتبر بها و يتخذ الدروس و الحكم...
و انك سبحانك اعطيت العطايا الكبيره و الخير العميم من صحه و مال و اولاد و هدايه فعصيت امرك بشكرها و اداء حقها و لم اراعيك فيما امرت و طلبت ثم اننى عرفت بتعريفك ما جنيت من المعاصى و ما ارتكبت من الاثم و ما كان منى من الذنوب التى اجترحتها و فعلتها فاستغفرت منها و تبت اليك وعدت الى عفوك و صفحك فعفوت عنى و غفرت الخطايا و لم تواخذنى بها ولكنى لشقوتى عدت الى ارتكابها من جديد و سولت لى نفسى ممارستها و لكن بلطفك سترتنى و لم تفضحنى بها و لم تشهرنى بها بين الناس فلك الحمد يا الهى على نعمك و عطاياك و على عفوك و سترك و كل ما اسديت الى..
تقحمت: دخلت.
الشعاب: جمع شعب الطريق فى الجبل او مسيل الماء.
التلف: الهلاك.
السطوه: البطش بشده.
تقحمت اوديه الهلاك و حللت شعاب تلف تعرضت فيها لسطواتك و بحلولها عقوباتك، و وسيلتى اليك التوحيد، و ذريعتى انى لم اشرك بك شيئا و لم اتخذ معك الها و قد فررت اليك بنفسى و اليك مفر المسى ء و مفزع المضيع لحظ نفسه المتلجى ء و لقد كان ما تماديت به من الزلات و الهفوات اننى دخلت بدون ترو منى و لا استيعاب تفكر اوديه الموت و الفناء و ذلك لان المعاصى تميت الانسان و تقضى عليه فى الاخره حيث يكون نصيبه النار و اقمت فى اماكن و عره استحققت فيها اخذك و بطشك و نزول عقوباتك فكان المعاصى فى شعاب قاسيه الدخول و قد دخلها الانسان فاستحق العقوبه و العذاب.
الذريعه: الوسيله.
فر: هرب.
التضيع: اهمال الشى ء حتى يذهب.
الحظ: النصيب.
التجاء اليه: اعتصم به.
و على كل حال مع تلك المعاصى و الخطايا التى ارتكبتها و فعلتها و مع كل تلك الانحرافات لم اقطع الطرق اليك و لم اسد النوافذ الى جنابك حتى يصيبنى الياس من التوسل اليك و طلب العفو و المغفره منك بل اننى و مع كل ذلك اتوسل اليك باعظم الوسائل و الطرق فى الامل بنجاتى الا و هى وسيله توحيدك و اننى اعترف بانك واحد احد و انه لا شريك لك فى الامور لم اتخذ معك الها و لم اشرك بك احدا و هذا اعظم ما اقدمه بين يديك و اتوسل به للفوز و النجاه... و قد هربت اليك و التجات الى جنابك اريد نجاه نفسى و دفع المكروه عنها... هربت اليك بهذه النفس الضعيفه طالبا رضاك و عفوك و صفحك و اليك ملجاء المسيئين و الى رحابك يعود من ضيع الطاعات و اهمل المهمات و اساء الى نفسه فانت اهل للعود اليه و تملك كل اسباب النجاه و العفو...
ارهفت السيف: رققته.
شبا السنان: طرفه المحدود.
حده: طرفه المحدود و الحده فى الانسان الباس.
داف: خلط.
سدد السهم: وجهه اليه.
يسومنى: يطلب لى و يريد.
الجرعه: من الماء كاللقمه من الطعام و يجرعنى اى يشربنى شيئا فشيئا.
الزعاق: الماء المر الغليظ الذى لا يطاق شربه.
فكم من عدو انتضى على سيف عداوته و شحذ لى ظبه مديته و ارهف لى شبا حده و داف لى قواتل سمومه و سدد نحوى صوائب سهامه و لم تنم عنى عين حراسته و اضمر ان يسومنى المكروه و يجرعنى زعاق مرارته كان اعداء اهل البيت كثيرين و كان اشد اعدائهم و اقساهم عليهم بنوا اميه الذين كانوا يشعرون ان اهل البيت يهددونهم فى امجادهم و ياتون عليهم بما عندهم من فضائل و مناقب و قد عانى الامام زين العابدين اشد المعاناه حيث راى واقعه كربلاء بام عينه و بعدها قد لا حقته السلطه الامويه و راقبته و حبست عليه انفاسه و هو يصور لنا مدى القساوه التى كان يعيشها و يرسم لنا اعداءه و كيف يعاملونه... انهم قد اظهروا عداوتهم و بينوها و جاهروا بها و قد كان الامام يسمع باذنيه سب جده و ابيه... انهم قد حاكوا ضده الموامرات و ارادوا فى اكثر من موقع ان يوقعوه فى الهلاك... انهم كانوا يصوبون نحوه سهام غدرهم و كيدهم و ما يملكونه من قدره و ما عندهم من خبث لقد كانوا يراقبون الامام و تصرفاته خوفا من تحرك يودى بهم و يطيح بعروشهم... كانوا يخافون من كل حركه يقوم بها الامام و لذا كان تحت الرقابه باستمرار... يضمرون له السوء و يسقونه مراره الوحده و الوحشه و العزله مع ما كانوا يمارسون عليه من الاضطهاد و التضييق...
انتضى: السيف جرده و سله.
شحذ: السيف احده و رقق شفرته.
الظبه: حد السيف و نحوه.
المديه: بتثليث الميم الشفره.
الفوادح: المصائب الشديده.
ناوانى: عادانى.
الارصاد: الانتصار و قيل هو مع العداوه.
فنظرت يا الهى الى ضعفى عن احتمال الفوادح و عجزى عن الانتصار ممن قصدنى بمحاربته و وحدتى فى كثير عدد من ناوانى و ارصد لى بالبلاء فيما لم اعمل فيه فكرى انك يا الهى قد علمت ما انا عليه من الضعف بحيث لا اقدر على احتمال المصائب و علمت عجزى و قله حيلتى عن الانتصار بحيث لا اقدر على الانتصار على من قصدنى بمحاربته فانهم اعداء يملكون القوه و القدره و يملكون العده و العدد فانا وحدى و اعدائى كثيرون يريدون محاربتى و قد راقبونى ليصبوا على البلاء و المكروه و انا لم اهتد و لم يصل فكرى الى ما يخططون و يرسمون لى من البلاء... انه ع يصور الحاله التى يعيشها معه الاعداء و ما يخططون من خلالها للقضاء عليه و لكن الله انتصر له و نجاه من بينهم و لم يستطع احد ان ينال من شخصه شيئا لقد كان الله معه يحفظه و يسدده و يدفع عنه
الازر: القوه الشديده.
فللت: كسرت و ثلمت.
عديد: كثير.
الكعب: فى الاصل للعظم الناتى ء فوق قدم الانسان او عند ملتقى الساق و القدم و هنا كنايه عن الشرف و العلو.
سدده: وجهه نحوى.
الغيظ: الغضب الشديد.
الغليل: حراره العطش و يطلق على الحقد.
شواه: اطراف اصابعه.
السرايا: جمع سريه قطعه من الجيش.
و لذا يقول:
فابتداتنى بنصرك و شددت ازرى بقوتك ثم فللت لى حده و صيرته من بعد جمع عديد وحده و اعليت كعبى عليه و جعلت ما سدده مردودا عليه فرددته لم يشف غيظه و لم يسكن غليله قد عض على شواه و ادبر موليا قد اخلفت سراياه و تفضلا منك يا رب بدون مساله منى سابقه رحمتنى فنصرتنى ابتداء، و قويت عزيمتى و جعلتنى بقوتك و فضلك قويا فقد كسرت شوكه عدوى و عطلت منه قوته و جعلته بعد تلك الجماعه التى كانت تحوطه و يضرب من اراد و بعد ذلك العدد الكبير جعلته وحده لم يبق معه احد و قد اعليت منزلتى عليه و رفعت مقامى على مقامه و جعلت ما وجهه نحوى من الايذاء مردودا عليه راجعا اليه فارجعته دون ان يشفى غيظه منى او يدرك امنيته بل كبت و لم يهدا حقده الذى اججه نحوى انه لشده غضبه و عدم ظفره بما اراد قد عض على انامله غيظا و غضبا و ادبر راجعا خاسئا غير ظافر قد اخفقت جيوش حقده و لم تظفر مكايده و حيله فيما كان يصبو اليه و يرغب فيه...
باغ: ظالم.
بغانى: طلبنى.
مكائده: خدعه.
الشرك: حبائك الصائد.
المصائد: جمع مصيده آله الصيد.
تفقدت الشى ء: طلبته عند فقده و غيبته.
اضباء: استتر و اختفى ليخدع.
الطريده: الفريسه- الصيد.
انتهز الامر: اغتنمه.
الفرصه: الحاله التى يتمكن فيها من المطلوب.
البشاشه: طلاقه الوجه.
التملق: التودد و التلطف.
الحنق: الغيظ الشديد.
و كم من باغ بغانى بمكائده و نصب لى شرك مصائده و وكل به تفقد رعايته و اضباء الى اضباء السبع لطريدته انتظارا لانتهاز الفرصه لفريسته و هو يظهر لى بشاشه الملق و ينظرنى على شده الحنق و كم من معتد ظالم قد طلبنى و ارادنى: بحيله و خدعه فهو قد اقام لى ما يوقعنى فى الظلم و الجور و ما يعود على بالخيبه و الخسران و جعل رقابته مستمره على بحيث لا امتلك الحريه الكامله و الاراده التامه و قد اختباء و استتر فى غفله عنى ينتظر افتراسى و اقتلاع جذورى و القضاء على مع انه يظهر حلاوه المنطق و حسن اللقاء و بشاشه الوجه ولكنه ينطوى على حقد دفين انه ذو وجهين ففى اللقاء يهش و يبش و فى الغياب ينصب الحبائل و يحيك الموامرات للقضاء على و الايقاع بى لاهلاكى.
الدغل: بالتحريك الفساد و الريبه.
السريره: ما يسره الانسان و يضمره.
اركسه: قلبه على راسه.
ام الراس: الدماغ و قيل الجلده الرقيقه التى تكون على الدماغ.
الزبيه: بالضم حفره تحفر فى موضع عال يصاد فيها الاسد و نحوه.
الحفره: بالضم الحفيره ما يحفر من الارض.
القمع: القهر و الاذلال.
الاستطاله: الترفع و العلو.
الربق: جمع ربقه و هى العروه فى الحبل تشد بها الحيوانات.
الحباله: الشرك الذى يصطاد به.
فلما رايت يا الهى تباركت و تعاليت دغل سريرته و قبح ما انطوى عليه اركسته لام راسه فى زبيته و رددته فى مهوى حفرته فانقمع بعد استطالته ذليلا فى ربق حبالته التى كان يقدر ان يرانى فيها و قد كاد ان يحل بى- لو لا رحمتك ما حل بساحته فلما رايت يا الهى تباركت و تعاليت فساد داخله و قبح ما يسره و ينطوى عليه من الشر و الرذيله قلبته على راسه فى حفرته التى كان يحفرها لعبدك و رددته الى حيث كان ينويه لى و يخططه فى القضاء على فقهر بعد علوه و تكبره و دخل ذليلا فيما كان يعده لى كى اكون فيه من ذل و مهانه و مصائب و بلايا و قد كان يتصور ان يرانى فيها و قد استعمل جميع و سائله لاكون فيها
و اقع فى مصايدها لو لا ان رحمتك صرفتها عنى و طالته هو دونى...
و بعباره قصيره ان الله قد راى ما كان يعده لوقوعى فى الدواهى ولكنه سبحانه صرفها عنى و الحقها به برحمته بى و عطفه على...
شرق: شرق بريقه غص به.
و الغصه: بالضم ما نشب فى الحلق و اعترض فلم يجر فيه.
الشجى: ما يعترض فى الحلق من عظم و غيره.
الغيظ: شده الغضب.
سلقه بلسانه: خاطبه بما يكره.
الوحر: امتلاء الصدر من الغيظ.
القرف: التهمه.
العرض: ما يصونه الانسان و يحامى عنه ان يعاب.
الغرض: الهدف.
مراميه: سهامه التى يرميها.
القلاده: ما يجعل فى العنق.
الخلال: جمع خله و هى الخصله.
و كم من حاسد قد شرق بى بغصته و شجى منى بغيظه و سلقنى بحد لسانه و وحرنى بقرف عيوبه و جعل عرضى غرضا لمراميه و قلدنى خلالا لم تزل فيه و وحرنى بكيده و قصدنى بمكيدته و هذا هو الحاسد و ما اكثره اليوم- الذى يرى النعمه على الناس فيتمنى زوالها عنهم و يسعى بما يملك من وسائل فى سبيل تحقيق ذلك و الامام قد ابتلى بالحساد فى زمانه و اهل البيت كلهم قد وقعوا ضحيه الحسد حيث راى اعداوهم ما ينعم الله به على اهل البيت من حيث انهم خلفاء الرسول و اجمع الناس لصفات الكمال فحسدوهم و كادوهم و بغوا عليهم و راحوا فى مطاردتهم و تشريدهم و قتلهم... و قد نال الامام زين العابدين سهم و افر من ذلك حيث عاش واقعه كربلاء و عاش بعدها الحصار و الرقابه و لذا يتوجه الى الله و يستعين و يصور لنا حاله حساده...
كم من حاسد، تعبير آخر عن كثرتهم و كبير عددهم قد غص بى و لم يقدر ان يتحملنى او يطيق ذكرى فكنت فى حلقه اذى له و مراره لم يقدر على اغفالى و نسيانى و كاننى كنت بالنسبه له كل شى ء انغص عليه حياته و اقلق وجوده كان يحقد على و ينالنى بلسانه بما اكره و لا احب حيث كان يشتمنى و يشتم الصالحين من اهلى و قد نقل التاريخ مشاهد كثيره لهذا القول... و قد اتهمنى بما فيه من العيوب و جعل كرامتى و سمعتى هدفا لشتائمه و سبابه و الزمنى صفات هى فيه لم تزل فكان يرى الصفه و القبيحه فيه فيرمينى بها و يقذفها الى و من كيده و خبثه كان يتهمنى بالسوء و القبيح و يقصدنى بخبيثه و انحرافه...
الاضطهاد: القهر.
آوى اليه: التجاء اليه.
الظل: اصله الفى ء و يستعمل فى العز.
الكنف: بفتحتين الجانب.
الفزع: الخوف.
المعقل: الملجاء.
فناديتك يا الهى مستغيثا بك واثقا بسرعه اجابتك عالما انه لا يضطهد من آوى الى ظل كنفك و لا يفزع من لجاء الى معقل انتصارك فحصنتنى من باسه بقدرتك لما كان هذا الحاسد يمارس مع الامام هذا الاسلوب القبيح واجهه الامام باعظم ما يملك و هو التوجه الى الله فكان الله عند سماع قول الامام مجيبا... دعوتك يا الهى اطلب اعانتك فانى محتاج اليها و انى على علم و ثقه بانك تستجيب بسرعه للمظلوم المطيع لك العامل بامرك و انا على علم و يقين انه لا ينال قهر او ذل من التجاء اليك و عاد الى كنفك فانت العزيز الذى لا تقبل بالضيم ان يصيبنى و لا ترضى بظلمى و قهرى و لا يخاف من لجاء الى مكان قوتك التى بها ينتصر على العالمين فمنعت بقدرتك و قوتك ان يطالنى ظلمه او ينالنى اثمه... و من التجاء الى الله و كان مطيعا لله كفاه الله امر اعدائه و نصره عليهم و دفع شرهم عنه...
السحائب: جمع سحابه و هى الغيمه.
جليتها: كشفتها.
الجداول: جمع جدول النهر الصغير.
نشرتها: اجريتها و بسطها.
الاحداث: النوائب.
الطمس: المحو و ازاله الاثر.
الغواشى: جمع غاشيه من غشيه يغشاه اذا ستره و غطاه.
الكربات: الغموم.
و كم من سحائب مكروه جليتها عنى و سحائب نعم امطرتها على و جداول رحمه نشرتها و عافيه البستها و اعين احداث طمستها و غواشى كربات كشفتها ثم انه ع ذكر نعم الله و فضله عليه و اخذ فى تعداد بعضها و هى كما تكون بانزال النعمه قد تكون بازاله النقمه و لذا كان كشف الضر من النعم...
فكم من سحائب مكروه جليتها لقد كشفت بقدرتك ما كان يصيبنى من المكروه الشديد حيث كانت هذه النفس تطبق عليها الغموم و الهموم فكنت تكشفها بفضلك و فى المقابل كنت تنزل على النعم و الخيرات و تجرى رحمتك و تبسطها على و عافيتك كانت تحل بى و انالها بفضلك...
و كم من النوائب و المصائب قد ازلتها و فرجتها و هموم و غموم قد كشفتها... لقد كان فضلك يتجسد فى ازاله النقمه و حلول النعمه على اختلاف الحالين...
العدم: بفتحتين و بالضم و السكون الفقر.
جبرت: اصلحت ما انكسر.
الصرعه: الوقوع على الارض.
انعشه: اقامه و رفعه.
و كم من ظن حسن حققت و عدم جبرت و صرعه انعشت و مسكنه حولت كل ذلك انعاما و تطولا منك و فى جميعه انهماكا منى على معاصيك و لا يزال الامام يعدد بعض نعم الله عليه فيذكر انه كان يظن بالله الظنون الحسنه و انه اذا ناداه سمعه و اذا طلب منه استجاب له و جبر فقره فاغناه و كم من وقعه فى ورطه او مشكله قد اخرج منها سالما و نصره و ازاح فقره و حاجته فقد حولها الى الغنى و الثروه و الاكتفاء
التطول: الافضال.
انهمك فى الامر: جد فيه و الح.
حجرنى: منعنى.
مساخطك: من السخط و هو الغضب.
و قد كان ذلك فضلا منه و احسانا و فى مقابل هذه النعم جميعها و فى اثناء عطائها كنت ملازما معاصيك مداوما على مخالفتك، و كل ذلك اعتراف من الامام بعظمه الله و جوده و كرمه.
لم تمنعك اساءتى عن اتمام احسانك و لا حجرنى ذلك من ارتكاب مساخطك لا تسال عما تفعل و لقد سئلت فاعطيت و لم تسال فابتدات و استميح فضلك فما اكديت ثم لم تقف اساءتى المتجسده فى مخالفه امرك عن اتمام احسانك الى بل كان فضلك يكمل و يتم دون ان تقف الاساءه حاجزا عنها كما ان هذا الاحسان لم يمنعنى عن ارتكاب ما يسخطك و يغضبك و كان من حقى ان اشكر احسانك بعدم ارتكاب محرم...
و انك الحكيم الذى لا يصدر منه الاكل خير و لذا لا تسال عما تفعل و ما وجه الحكمه فيه لانك الحكيم...
استمحته سماحه: سالته العطاء.
اكدى: منع و جحد و بخل.
ابيت: امتنعت.
تقحم الامر: دخل فيه بدون رويه و لا تامل.
الحرمات: بضمتين جمع حرمه ما حرمه الله.
الوعيد: التهديد.
الاناه: عدم العجله.
و من فضلك و جودك و كرمك ان من سالك امرا اعطيته اياه و حتى من لم يسالك قد اعطيته من فضلك ابتداء بدون مساله و هذا منتهى الكرم و الجود قد اعطيت هذا الانسان اصل الوجود بدون استحقاق منه و بدون طلب...
و سالك فضلك و جودك فاعطيت بدون بخل و لا شح و لا منع و حاشا ساحتك ان توصف بمنع او بخل...
ابيت يا مولاى الا احسانا و امتنانا و تطولا و انعاما، و ابيت الا تقحما لحرماتك و تعديا لحدودك و غفله عن وعيدك يا مولاى و ربى ان عاقبه المسى ء المنع و العقوبه و لكنك رفضت هذا و ابيت الا ان تحسن و تعطى و تتصدق و تتفضل و تنعم على عبدك لان ذلك شانك و ابيت انا الخاسر المعاند الا ارتكابا لما حرمت و منعت و تجاوزا لحدودك التى رسمت حيث ارتكبت الحرام و تركت الواجب و سهوت عن وعيدك و تهديدك لمن فعل ذلك بالنار و عذاب شديد لا يقوى عليه انسان...
فلك الحمد الهى من مقتدر و لا يغلب و ذى اناه لا تعجل هذا مقام من اعترف بسبوغ النعم و قابلها بالتقصير و شهد على نفسه بالتضييع فبعد ذكر كل هذه النعم لك الحمد يا الهى من قادر على فعل ما تريد باكمل ما تريد و احسن ما تريد فانك لا تغلب و لا يقدر احد ان يغلبك او ينتصر عليك و يمنعك عن فعل ما تريد... انك لا تاخذ المتمردين عليك بسرعه و لا تعاجلهم بالعقوبه...
سبغت النعمه: اتسعت و فاضت.
التضييع: الاهمال و عدم التحفظ على الشى ء حتى يهلك.
و انا منهم و قد اعترفت و اقررت لك بكثره نعمك و عمومها و ما قابلتها و واجهتها بالتقصير فى شكرها و عدم اداء حقها و كان من حق كل نعمه ان اقف امامها طويلا و اشكرك عليها كثيرا... اننى اشهد على نفسى باننى قد ضيعت هذه النعم و قصرت فى شكرها...
الرفيعه: العاليه الشريفه.
توجه الى الله بكذا: قصده مثولا اليه بكذا.
وجدك: غناك.
لا يتكادك: لا يصعب و لا يشق عليك.
اللهم فانى اتقرب اليك بالمحمديه الرفيعه و العلويه البيضاء و اتوجه اليك بهما ان تعيذنى من شر كذا و كذا فان ذلك لا يضيق عليك فى وجدك و لا يتكادك فى قدرتك و انت على كل شى ء قدير اللهم انى اتوسل اليك و اطلب القرب منك ببلوغ رحمتك و نيل ما اريد بالشريعه المحمديه العظيمه العاليه و الدرجه العلويه الطاهره النظيفه... انه يتوجه الى الله و يساله بنبوه محمد و ولايه على و ما لهما من الدرجه الرفيعه و المقام الكريم ان تجيرنى و تحمينى من شر الاشرار و كيد الفجار و عباره كذا و كذا... كنايه عما يريد و عن المطلوب عنده فان ذلك و هو ما طلبته منك لا يضيق عليك فى غناك و لا يشق عليك فى عطاياك فانك يا رب تملك الوجود كله فاذا اعطيتنى ما سالتك لا يوثر ذلك فى ملكك و لا يضر فى خلقك و لا تعجز قدرتك او يشق عليك فعله و انت على كل شى ء قدير و قدرتك مطلقه...
العروج: الصعود.
فهب لى يا الهى من رحمتك و دوام توفيقك ما اتخذه سلما اعرج به الى رضوانك و آمن به من عقابك يا ارحم الراحمين فهب لى يا الهى من رحمتك تسديدى و تصويب افعالى و دوام توفيقك بان اكون باستمرار فى طاعتك و خدمتك اعطنى بهذه ما اتخذه سلما اصعد به الى ما ترضى و تحب و آمن به من عقابك و عذابك يا ارحم الراحمين ارحمنا و اجرنا من النار...