لطفا منتظر باشید

فى الالحاح

«1» ‌يا‌ اَللَّهُ الَّذِي ‌لا‌ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْ ءٌ فِي الْأَرْضِ ‌و‌ ‌لا‌ فِي السَّمَاءِ ، ‌و‌ كَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ ‌يا‌ إِلَهِي ‌ما‌ أَنْتَ خَلَقْتَهُ ، ‌و‌ كَيْفَ ‌لا‌ تُحْصِي ‌ما‌ أَنْتَ صَنَعْتَهُ ، أَوْ كَيْفَ يَغِيبُ عَنْكَ ‌ما‌ أَنْتَ تُدَبِّرُهُ ، أَوْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْكَ ‌من‌ ‌لا‌ حَيَاةَ لَهُ إِلَّا بِرِزْقِكَ ، أَوْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْكَ ‌من‌ ‌لا‌ مَذْهَبَ لَهُ فِي غَيْرِ مُلْكِكَ ، «2» سُبْحَانَكَ أَخْشَى خَلْقِكَ لَكَ أَعْلَمُهُمْ بِكَ ، ‌و‌ أَخْضَعُهُمْ لَكَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِكَ ، ‌و‌ أَهْوَنُهُمْ عَلَيْكَ ‌من‌ أَنْتَ تَرْزُقُهُ ‌و‌ ‌هو‌ يَعْبُدُ غَيْرَکَ «3» سُبْحَانَكَ ‌لا‌ يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ ‌من‌ أَشْرَكَ بِكَ ، ‌و‌ كَذَّبَ رُسُلَكَ ، ‌و‌ لَيْسَ يَسْتَطِيعُ ‌من‌ كَرِهَ قَضَاءَكَ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَمْتَنِعُ مِنْكَ ‌من‌ كَذَّبَ بِقُدْرَتِكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَفُوتُكَ ‌من‌ عَبَدَ غَيْرَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ يُعَمَّرُ فِي الدُّنْيَا ‌من‌ كَرِهَ لِقَاءَكَ . «4» سُبْحَانَكَ ‌ما‌ أَعْظَمَ شَأْنَكَ ، ‌و‌ أَقْهَرَ سُلْطَانَكَ ، ‌و‌ أَشَدَّ قُوَّتَكَ ، ‌و‌ أَنْفَذَ أَمْرَكَ «5» سُبْحَانَكَ قَضَيْتَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ الْمَوْتَ ‌من‌ وَحَّدَكَ ‌و‌ ‌من‌ كَفَرَ بِكَ ، ‌و‌ كُلٌّ ذَائِقُ الْمَوْتَ ، ‌و‌ كُلٌّ صَائِرٌ إِلَيْكَ ، فَتَبَارَكْتَ ‌و‌ تَعَالَيْتَ ‌لا‌ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَکَ ‌لا‌ شَرِيکَ لَکَ . «6» آمَنْتُ بِكَ ، ‌و‌ صَدَّقْتُ رُسُلَكَ ، ‌و‌ قَبِلْتُ كِتَابَكَ ، ‌و‌ كَفَرْتُ بِكُلِّ مَعْبُودٍ غَيْرِكَ ، ‌و‌ بَرِئْتُ مِمَّنْ عَبَدَ سِوَاكَ . «7» اللَّهُمَّ إِنِّي أُصْبِحُ ‌و‌ أُمْسِي مُسْتَقِلًّا لِعَمَلِي ، مُعْتَرِفاً بِذَنْبِي ، مُقِرّاً بِخَطَايَايَ ، أَنَا بِإِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي ذَلِيلٌ ، عَمَلِي أَهْلَكَنِي ، ‌و‌ هَوَايَ أَرْدَانِي ، ‌و‌ شَهَوَاتِي حَرَمَتْنِي . «8» فَأَسْأَلُكَ ‌يا‌ مَوْلَايَ سُؤَالَ ‌من‌ نَفْسُهُ لَاهِيَةٌ لِطُولِ أَمَلِهِ ، ‌و‌ بَدَنُهُ غَافِلٌ لِسُكُونِ عُرُوقِهِ ، ‌و‌ قَلْبُهُ مَفْتُونٌ بِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ ، ‌و‌ فِكْرُهُ قَلِيلٌ لِمَا ‌هو‌ صَائِرٌ إِلَيْهِ . «9» سُؤَالَ ‌من‌ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَمَلُ ، ‌و‌ فَتَنَهُ الْهَوَى ، ‌و‌ اسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الدُّنْيَا ، ‌و‌ أَظَلَّهُ الْأَجَلُ ، سُؤَالَ ‌من‌ اسْتَكْثَرَ ذُنُوبَهُ ، ‌و‌ اعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ ، سُؤَالَ ‌من‌ ‌لا‌ رَبَّ لَهُ غَيْرُكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ وَلِيَّ لَهُ دُونَكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مُنْقِذَ لَهُ مِنْكَ ، ‌و‌ ‌لا‌ مَلْجَأَ لَهُ مِنْكَ ، إِلَّا إِلَيْكَ . «10» إِلَهِي أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْوَاجِبِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ ، ‌و‌ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي أَمَرْتَ رَسُولَكَ أَنْ يُسَبِّحَكَ ‌به‌ ، ‌و‌ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، الَّذِي ‌لا‌ يَبْلَى ‌و‌ ‌لا‌ يَتَغَيَّرُ ، ‌و‌ ‌لا‌ يَحُولُ ‌و‌ ‌لا‌ يَفْنَى ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ ‌و‌ ‌آل‌ مُحَمَّدٍ ، ‌و‌ أَنْ تُغْنِيَنِي عَنْ كُلِّ شَيْ ءٍ بِعِبَادَتِكَ ، ‌و‌ أَنْ تُسَلِّيَ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا بِمَخَافَتِكَ ، ‌و‌ أَنْ تُثْنِيَنِي بِالْكَثِيرِ ‌من‌ كَرَامَتِكَ بِرَحْمَتِكَ . «11» فَإِلَيْكَ أَفِرُّ ، ‌و‌ مِنْكَ أَخَافُ ، ‌و‌ بِكَ أَسْتَغِيثُ ، ‌و‌ إِيَّاكَ أَرْجُو ، ‌و‌ لَكَ أَدْعُو ، ‌و‌ إِلَيْكَ أَلْجَأُ ، ‌و‌ بِكَ أَثِقُ ، ‌و‌ إِيَّاكَ أَسْتَعِينُ ، ‌و‌ بِكَ أُومِنُ ، ‌و‌ عَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ ، ‌و‌ عَلَى جُودِكَ ‌و‌ كَرَمِكَ أَتَّكِلُ
 
يا الله الذى ‌لا‌ يخفى عليه شى ء ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء ‌و‌ كيف يخفى عليك ‌يا‌ الهى ‌ما‌ انت خلقته؟! ‌و‌ كيف ‌لا‌ تحصى ‌ما‌ انت صنعته؟ ‌او‌ كيف يغيب عنك ‌ما‌ انت تدبره؟ ‌او‌ كيف يستطيع ‌ان‌ يهرب منك ‌من‌ ‌لا‌ حياه له الا برزقك؟ ‌او‌ كيف ينجو منك ‌من‌ ‌لا‌ مذهب له ‌فى‌ غير ملكك؟ بهذا النداء ‌و‌ بما يحمل ‌من‌ حاجه ‌و‌ فقر يتوجه الامام الى الله ‌و‌ يصفه بما ‌لا‌ يتصف ‌به‌ احد بل بما لم يطلع عليه احد انه الله الذى يعلم كل الممكنات ‌و‌ ‌لا‌ يخفى عليه شى ء كائن ‌فى‌ الارض ‌او‌ ‌فى‌ السماء ‌او‌ فيما بينهما.
 ثم استفهم مستنكرا ‌و‌ ‌ان‌ ذلك ‌لا‌ يكون ‌و‌ كيف يخفى عليك ‌يا‌ الهى ‌ما‌ انت خلقته؟ انت خلقت الكون ‌و‌ ‌ما‌ فيه ‌و‌ بعلمك ‌و‌ قدرتك كان فلا يخفى عليك منه شى ء ‌و‌ ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يغيب عن علمك منه شى ء... ‌و‌ كيف ‌لا‌ تحصى ‌ما‌ انت صنعته؟ ‌او‌ كيف يغيب ‌ما‌ انت تدبره؟ ‌و‌ ‌ما‌ انت صنعته ‌و‌ خلقته ‌و‌ احسنت صنعك كيف ‌لا‌ تحصيه ‌و‌ ‌لا‌ تعده ‌و‌ ‌لا‌ تضبطه بل انت الذى احصيت كل شى ء عددا ‌و‌ انت الذى قلت: ‌و‌ ‌ما‌ ‌من‌ غائبه ‌فى‌ السماء ‌و‌ الارض الا ‌فى‌ كتاب مبين... ‌و‌ ‌لا‌ يغيب عن علمك ابدا ‌ما‌ انت تدبر شوونه ‌و‌ تنظمه ‌و‌ تصرفه بمقتضى حكمتك، حركه ‌و‌ سكونا ‌و‌ لونا ‌و‌ شكلا... ‌و‌ بعباره اخرى فان الفقرات الثلاث كلها تشير الى مضمون واحد ‌و‌ ‌هو‌ عدم خفاء شى ء عنه تعالى ‌و‌ احاطه علمه بكل شى ء... ‌او‌ كيف يستطيع ‌ان‌ يهرب منك ‌من‌ ‌لا‌ حياه له الا برزقك؟ ‌او‌ كيف ينجو منك ‌من‌ ‌لا‌ مذهب له ‌فى‌ غير ملكك؟...
 ‌لا‌ يقدر على الهرب ‌و‌ الفرار منك ‌من‌ طلبته ‌و‌ اردته ‌و‌ ذلك انه ‌لا‌ حياه له الا برزقك.. فان الذى يهرب منك ‌هو‌ الذى يستغنى عنك ‌و‌ ‌لا‌ يحتاج ‌فى‌ بقائه اليك اما ‌من‌ ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يعيش بدونك كيف يهرب منك؟!... ‌و‌ كيف ينجو ‌و‌ يتخلص ‌من‌ عذابك ‌من‌ اذا اردته ‌و‌ ‌لا‌ طريق له ‌او‌ مكان ‌فى‌ غير ملكك؟! فهو يعيش ‌فى‌ ملك الله ‌و‌ ‌لا‌ يقدر على الخروج عنه فكيف ينجو ‌من‌ يد الله ‌او‌ يتخلص منها...
 
الخشيه: الخوف مع التعظيم الناتج عن العلم.
 سبحانك: ‌من‌ التسبيح ‌و‌ ‌هو‌ التنزيه.
 اهونهم: اكثرهم ذلا ‌و‌ هوانا.
 سبحانك اخشى خلقك لك اعلمهم بك ‌و‌ اخضعهم لك اعلمهم بطاعتك، ‌و‌ اهونهم عليك ‌من‌ انت ترزقه ‌و‌ ‌هو‌ يعبد غيرك سبحانك... انزهك عن الشريك ‌و‌ المثل ‌و‌ ‌ان‌ اخشى خلقك لك اعلمهم بك فان الذى يجلك ‌و‌ يعظم شانك ‌من‌ ‌هو‌ اعلم بك ‌و‌ اعرف لانه ‌من‌ عرف الله ‌و‌ عرف عظمته ‌و‌ قدرته ‌و‌ صفاته اخذته الخشيه منه ‌و‌ لذا كان الانبياء ‌و‌ الاوصياء ‌من‌ اشد الناس خشيه لله لمعرفتهم بالله ‌و‌ قال تعالى: انما يخشى الله ‌من‌ عباده العلماء... ‌و‌ اخضعهم لك اعلمهم بطاعتك ‌اى‌ اشدهم تذللا ‌و‌ خشوعا لك اكثرهم عملا بطاعتك لانه كلما ازداد عملا ازداد منه قربا ‌و‌ متى قرب منه ازداد معرفه ‌و‌ كلما عرف عمل ‌او‌ ‌ان‌ كثره العمل تستدعى تجويده ‌و‌ نفى الرياء ‌و‌ العجب عنه فيزداد الخشوع ‌فى‌ القلب ‌و‌ الرهبه ‌فى‌ النفس.
 ‌و‌ اهونهم عليك ‌من‌ انت ترزقه ‌و‌ ‌هو‌ يعبد غيرك... احقرهم ‌و‌ اصغرهم عندك ‌من‌ ترزقه ‌و‌ تتفضل عليه ‌و‌ ‌هو‌ يتوجه الى غيرك ‌و‌ ‌لا‌ يعبدك لان ‌من‌ اوليات العقول وجوب شكر المنعم فاذا لم يشكر العبد ‌من‌ يرزقه ‌و‌ ينعم عليه فقد خالف قانون العقلاء ‌و‌ استحق الذم.
 
فاته الشى ء: بعد عنه بحيث فاته ادراكه.
 ‌لا‌ تعمر: ‌من‌ التعمير ‌و‌ هى اطاله عمر الانسان ‌فى‌ الدنيا.
 سبحانك ‌لا‌ ينقص سلطانك ‌من‌ اشرك بك ‌و‌ كذب رسلك ‌و‌ ليس يستطيع ‌من‌ كره قضاءك ‌ان‌ يرد امرك ‌و‌ ‌لا‌ يمتنع منك ‌من‌ كذب بقدرتك ‌و‌ ‌لا‌ بقوتك ‌من‌ عبد غيرك ‌و‌ ‌لا‌ يعمر ‌فى‌ الدنيا ‌من‌ كره لقاءك انزهك عن كل نقص ‌او‌ عيب ‌و‌ منها ‌ان‌ يكون ‌من‌ اشرك بك ‌و‌ كذب رسلك ‌ان‌ يكون ذلك منه موثرا ‌فى‌ ملكك ‌او‌ موجبا لنقصانه ‌او‌ الخلل فيه كما هى حال ملوك الدنيا ‌و‌ اما الله المالك المطلق الذى ‌لا‌ يخرج عن قدرته احد فلا يوثر العاصى بمعصيته على ملك الله شيئا...
 ‌و‌ كذلك ‌من‌ خصوصياتك ‌يا‌ رب ‌ان‌ ‌من‌ كره ‌ما‌ جرى ‌به‌ قلمك ‌فى‌ العباد ‌و‌ البلاد ‌لا‌ يقدر كرهه ‌و‌ بغضه له ‌ان‌ يرد قضاءك ‌او‌ يمنعه...
 ‌و‌ ‌من‌ كذب بقدرتك ‌و‌ لم يومن بها على حقيقتها بان وصفك بها ‌فى‌ بعض الشوون دون بعض فانه ‌لا‌ يقوى على دفع الضر عنه ‌و‌ ‌لا‌ يقدر ‌ان‌ يمنعك عن تناوله ‌و‌ عذابه...
 ‌و‌ ‌من‌ عبد غيرك جهلا ‌و‌ كفرا ‌و‌ ضلالا فلن يخرج عن سلطانك ‌و‌ لن يهرب ‌من‌ حكمك ‌و‌ قضائك بل متى اردته وقع تحت يدك...
 ‌و‌ ‌من‌ كره لقاء الله... ‌من‌ كره الموت ‌او‌ الجزاء ‌او‌ البعث ‌و‌ الحساب فلن يطول عمره ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ مهما عاش فلا ‌بد‌ ‌من‌ لقائك...
 ‌و‌ هذه العبارات ‌من‌ الدعاء تشير الى مضمون واحد ‌و‌ ‌هو‌ بيان كمال قدره الله ‌و‌ استيلاء سلطانه ‌و‌ نفاذ حكمه ‌و‌ امره ‌و‌ انه ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ نفاذ ‌ما‌ قضى سواء كرهه العبد ‌ام‌ احبه ‌و‌ ‌ما‌ اراد ايقاعه بعبده اوقعه ‌به‌ قهرا عليه بحيث ‌لا‌ يمكنه دفعه عنه ‌و‌ ‌لا‌ امتناعه منه ‌و‌ مصير كل الناس اليه فلا يوهن ملكه ‌من‌ عبد غيره ‌و‌ ‌ان‌ كل ‌من‌ عليها فان ‌و‌ ‌لا‌ مهرب ‌و‌ ‌لا‌ مفر لمن كره المصير اليه.
 
سبحانك ‌ما‌ اعظم شانك ‌و‌ اقهر سلطانك ‌و‌ اشد قوتك ‌و‌ انقذ امرك  
 انزهك ‌يا‌ رب عن كل عيب ‌او‌ قصور يمكن ‌ان‌ تلحقه العقول بساحتك، ‌ما‌ اعظم قدرك بحيث ينزه ‌ان‌ يقارن بغيره ‌و‌ ‌ما‌ اشد نفوذك ‌و‌ سيطرتك فانها تعم جميع المخلوقات ‌و‌ ‌ما‌ اشد قوتك بحيث انها ‌لا‌ يعجزها شى ء ‌و‌ ‌لا‌ يشابهها شى ء ‌و‌ امرك ‌لا‌ ‌بد‌ ‌و‌ ‌ان‌ يقع فاذا اردت امرا قلت له ‌كن‌ فيكون...
 
صار اليه: رجع.
 تباركت: كثر خيرك ‌و‌ زاد.
 سبحانك قضيت على جميع خلقك الموت، ‌من‌ وحدك ‌و‌ ‌من‌ كفر بك ‌و‌ كل ذائق الموت ‌و‌ كل صائر اليك
 سبحانك انزهك عن كل نقص ‌او‌ عيب حكمت على جميع خلقك بالموت ‌و‌ ساويت بين ‌من‌ وحدك ‌و‌ لم يجعل لك شريكا ‌و‌ بين ‌من‌ كفر بك لحكمه اقتضتها مشيئتك ‌و‌ كل ذائق الموت ‌و‌ كل عائد اليك كما قلت سبحانك: كل نفس ذائقه الموت ثم الينا ترجعون...
 فتباركت ‌و‌ تعاليت ‌لا‌ اله الا انت وحدك ‌لا‌ شريك لك  
 منك البركه ‌و‌ انت صاحبها ‌يا‌ عظيم النعم ‌و‌ علا مقامك ‌و‌ ارتفع عما يلحقه الجاهلون ‌و‌ الكافرون بك ‌لا‌ اله الا انت وحدك ‌لا‌ شريك لك آمنت بك ربا ‌لا‌ شريك لك ‌و‌ ‌لا‌ شبيه... ‌و‌ صدقت رسلك جميعا بانهم ‌من‌ عندك ‌و‌ بانهم جاوا بامرك ‌و‌ بما تريد ‌و‌ انهم بلغوا الرساله ‌و‌ ادوا الامانه...
 
برى ء منه: برائه انفصل عنه ‌و‌ قطع علقته به.
 آمنت بك ‌و‌ صدقت رسلك ‌و‌ قبلت كتابك ‌و‌ كفرت بكل معبود غيرك ‌و‌ برئت ممن عبد سواك
 ‌و‌ آمنت بما انزلت على رسلك فكلها كتب انزلتها ‌من‌ عندك ‌و‌ اردت ‌من‌ عبادك العمل بها ‌و‌ جعلت خاتمتها قرآنك ‌و‌ جعلت العمل ‌به‌ فرضا متعينا بعد ‌ان‌ نسخت ‌ما‌ تقدم ‌من‌ كتب ‌و‌ رفعت ‌من‌ انبياء ‌و‌ رسل... ‌و‌ كفرت بكل معبود غيرك سواء كان بشرا ‌ام‌ صنما ‌ام‌ غيرها... ‌و‌ برئت ممن عبد غيرك لانه على ضلال ‌فى‌ عباده غيرك ‌و‌ على انحراف فيما توجه اليك... ‌و‌ ‌من‌ كان مخلوقا كيف يكون خالقا...
 
الاسراف على النفس: الافراط ‌فى‌ الجنايه عليها.
 ذليل: منقاد.
 ارادنى: اهلكنى.
 حرمته ‌من‌ كذا: منعته منه.
 اللهم انى اصبح ‌و‌ امسى مستقلا لعملى معترفا بذنبى مقرا بخطاياى، انا باسرافى على نفسى ذليل، عملى اهلكنى ‌و‌ هواى اردانى ‌و‌ شهواتى حرمتنى اللهم عندما استفيق صباحا ‌و‌ امسى ليلا فانى ‌فى‌ الوقتين ‌و‌ ‌ما‌ بينهما ارى عملى قليلا فصلاتى قليله ‌و‌ عمل الخير منى قليل ‌و‌ خدمه عبادك قليله ‌و‌ كل نافع ‌و‌ مفيد منى قليل ‌و‌ هكذا يكون حال المومن مهما يرى ‌من‌ عمل فانه يراه قليلا... اعترف لك بذنبى ‌و‌ اقر بخطاياى التى ارتكبتها ‌و‌ قمت بها فعسى ‌ان‌ يكون هذا الاقرار وسيله للعفو ‌و‌ الصفح... ‌و‌ انا بذنوبى التى ارتكبتها ذليل لان الذنوب عيوب ‌و‌ العيب يذل الانسان... عملى القبيح ‌من‌ المعاصى ‌و‌ الذنوب عذبنى ‌و‌ ادخلنى ‌فى‌ عذاب النفس ‌و‌ آلمها... ‌و‌ هواى ‌اى‌ ميولى النفسيه التى كانت تدفعنى نحو الباطل ‌و‌ نحو الرذيله هى التى اهلكتنى ‌و‌ اذاقتنى مراره العذاب ‌و‌ شهواتى التى تتطلبها نفسى ‌فى‌ الحرام ‌و‌ الانحراف هى التى اقضت مضجعى ‌و‌ اقلقت راحتى.
 
مستقلا: اراه قليلا.
 مقرا: ‌من‌ الاقرار ‌و‌ ‌هو‌ الاعتراف.
 
لاهيه: ساهيه، مشتغله بما ‌لا‌ يعنيها.
 مفتون: بمعنى مشغوف، متعلق.
 فاسالك ‌يا‌ مولاى سوال ‌من‌ نفسه ‌لا‌ هيه لطول امله ‌و‌ بدنه غافل لسكون عروقه ‌و‌ قلبه مفتون بكثره النعم عليه ‌و‌ فكره قليل لما ‌هو‌ صائر اليه فاسالك ‌و‌ اطلب منك طلب انسان اجتمعت عليه البلايا ‌و‌ المصائب ‌و‌ عجز عن القيام بواجب حقك ‌و‌ لازم طاعتك ‌و‌ شكر عطاياك... اسالك سوال ‌من‌ طال امله ‌فى‌ الدنيا فساء عمله فنفسه لاهيه تشتغل فيما ‌لا‌ يعنيها مما يلهيها عن الاخره، ‌و‌ بدنه ضعيف ‌لا‌ تنبض عروقه بالحياه ‌و‌ ‌لا‌ يتحرك لعبادتك ‌و‌ التوجه اليك ‌و‌ التهجد لجناب قدسك ‌و‌ قلبه الذى ‌من‌ حقه ‌ان‌ ‌لا‌ ينقطع عنك قد انحرف لكثره النعم عليه ‌و‌ زيادتها فهو بدلا ‌من‌ شكرها تلهى بها ‌و‌ انحرف عنك ‌و‌ اما فكره ‌و‌ عقله فقليل الاعتناء ‌و‌ التفكير فيما ‌هو‌ راجع ‌و‌ عائد اليه ‌من‌ جنه ‌و‌ نار ‌و‌ نعيم ‌و‌ عذاب حتى يعمل لما فيه السعاده ‌و‌ يترك ‌ما‌ فيه ‌من‌ العذاب ‌و‌ الشقاء فقليل...
 
غلب عليه: استولى عليه.
 استمكنت ‌من‌ الشى ء: تسلطت عليه ‌و‌ قدرت على التصرف ‌به‌ كيف اشاء.
 اظله الشى ء: غشيه ‌و‌ كانه القى عليه ظله.
 استكثر ذنوبه: رآها كثيره.
 الانقاذ: التخلص ‌من‌ امر صعب.
 الملجاء: ‌ما‌ يلجاء اليه ‌و‌ يعتصم به.
 سوال ‌من‌ غلب عليه الامل ‌و‌ فتنه الهوى ‌و‌ استمكنت منه الدنيا ‌و‌ اظله الاجل سوال ‌من‌ استكثر ذنوبه ‌و‌ اعترف بخطيئته، سوال ‌من‌ ‌لا‌ رب له غيرك ‌و‌ ‌لا‌ ولى له دونك ‌و‌ ‌لا‌ منقذ له منك ‌و‌ ‌لا‌ ملجاء له منك الا اليك ‌و‌ هذه جمله احوال يستحق بها هذا الانسان الشفقه ‌و‌ العطف- يعلمنا الامام ‌ان‌ نسال الله فيها العفو ‌و‌ المغفره لاصحابها ‌من‌ ضعف يمكن ‌ان‌ يدر الشفقه ‌و‌ الرحمه عليهم...
 سوال ‌من‌ قد غلب عليه الامل ‌و‌ ‌من‌ غلب عليه الامل انساه امر الاخره فراح وراء دنياه يدمر ‌و‌ يخرب ‌و‌ يفسد ‌و‌ يضل ‌و‌ يعمل الموبقات ‌و‌ اما الهوى فانه يجرف الانسان الى الباطل ‌و‌ يقوده الى الضلال. فان النفس اذا مالت الى مشتهياتها الخارجه عن حدود الشريعه ضلت ‌و‌ انحرفت ‌و‌ لذا قال الامام على عليه السلام كلمته المشهوره: ‌ان‌ اخوف ‌ما‌ اخاف عليكم اثنان اتباع الهوى ‌و‌ طول الامل اما اتباع الهوى فانه يضل عن الحق ‌و‌ اما طول الامل فانه ينسى الاخره...
 سوال ‌من‌ استمكنت منه الدنيا ‌و‌ اظله الاجل... سوال الانسان الذى تمكنت منه الدنيا فاستخدمته لصالحها فراح يعمل فيها لاجلها ‌لا‌ لاجل الاخره، ‌و‌ قد قرب منه الموت بحيث لم يبق بينه ‌و‌ بينه الا الشى ء القليل... سوال الغريق ‌فى‌ الدنيا الذى قرب منه الموت ‌و‌ هذا سواله يكون ‌من‌ القلب لان الوسائل قد تقطعت الا ‌من‌ الله...
 سوال ‌من‌ استكثر ذنوبه... ‌و‌ اعترف بخطئه ‌من‌ راى ذنوبه كثيره، ‌و‌ ‌ان‌ ‌من‌ يراها كذلك يحترق قلبه ‌و‌ تذوب نفسه ‌و‌ يقصد الله ‌فى‌ محوها ‌و‌ العفو عن صاحبها، ‌و‌ الاقرار بالذنوب ‌و‌ الاعتراف بها معناه ‌ان‌ العقوبه مستحقه فلا ‌بد‌ ‌من‌ سوال الله بلهفه ورقه لعله يرحم ‌و‌ يعفو... سوال ‌من‌ ‌لا‌ رب له غيرك ‌و‌ ‌لا‌ ولى دونك ‌و‌ ‌لا‌ منقذ له منك ‌و‌ ‌لا‌ ملجا له منك الا اليك... الى الله انقطعت الامور ‌و‌ عنده توقفت حاجه المحتاجين ‌و‌ الى جنابه قصد الطالبون... فلا رب لى غيرك ارجع اليه ‌و‌ اطلب منه العفو ‌و‌ الصفح فقد انحصرت الحاجات فيك ‌و‌ ‌لا‌ احد يتولى الامر غيرك ‌و‌ ‌لا‌ احد يستطيع تخليصه ‌من‌ عذابك الا انت ‌و‌ رحمتك ‌و‌ ‌لا‌ ملجاء له ‌او‌ ماوى ‌من‌ عذابك الا انت... فاليك وحدك تتجه الانظار ‌و‌ تنقطع الامال...
 
الجلال: العظمه ‌و‌ الكبرياء.
 بلى الثوب: خلق.
 ‌لا‌ يحول: ‌لا‌ يتغير ‌و‌ ‌لا‌ يتحول ‌من‌ حال الى حال.
 فنى: هلك.
 سلت نفسه عن الشى ء: ذهبت محبته منها.
 تثنينى: تصرفنى ‌و‌ ترجعنى.
 الهى اسالك بحقك الواجب على جميع خلقك ‌و‌ باسمك العظيم الذى امرت رسولك ‌ان‌ يسبحك ‌به‌ ‌و‌ بجلال وجهك الكريم الذى ‌لا‌ يبلى ‌و‌ ‌لا‌ يتغير ‌و‌ ‌لا‌ يحول ‌و‌ ‌لا‌ يفنى ‌ان‌ تصلى على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد ‌و‌ ‌ان‌ تغنينى عن كل شى ء بعبادتك ‌و‌ ‌ان‌ تسلى نفسى عن الدنيا بمخافتك ‌و‌ ‌ان‌ تثنينى بالكثير ‌من‌ كرامتك برحمتك الهى اسالك بما لك ‌من‌ الحق على جميع خلقك ‌و‌ قد ثبت لك ‌ان‌ يعبدوك ‌لا‌ يشركوا بك شيئا ‌و‌ ثبت لك عليهم الطاعه ‌و‌ الانابه ‌و‌ باسمك العظيم الذى انفردت ‌به‌ ‌و‌ لم يشاركك احد فيه الذى امرت رسولك محمدا ‌ان‌ ينزهك ‌به‌ ‌و‌ يذكرك ‌به‌ لما فيه ‌من‌ الطهر ‌و‌ النزاهه ‌و‌ العظمه التى انفردت بها ‌و‌ لم يشاركك احد فيه... ‌و‌ اسالك بعظمه ذاتك ‌و‌ ‌ما‌ هى فيه ‌من‌ الصفات التى ‌لا‌ يطراء عليها البلى ‌و‌ ‌لا‌ يتغير ‌و‌ ‌لا‌ يتحول ‌من‌ حال الى حال كما ‌هو‌ حال الانسان الذى يكون نطفه ثم يتدرج حتى يصبح رجلا ثم يموت ‌و‌ يفنى، اسالك ‌ان‌ تصلى على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد ‌و‌ انت الكريم قابل التوب مجيب الدعوات ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ بكرمك ‌ان‌ تقبلها فاسالك ايضا ‌ان‌ تكفينى بالاشتغال بعبادتك عن الاشتغال باى شى ء ‌من‌ الاشياء الاخرى ‌او‌ بمعنى تصرفنى ‌و‌ تمنعنى عن الاشتغال بغير عبادتك ‌و‌ ‌ان‌ تجعل الخوف منك ‌و‌ ‌من‌ عذابك يسلبنى محبه الدنيا ‌و‌ التوجه اليها لانه متى ‌حل‌ الخوف ‌من‌ الله هانت الدنيا ‌و‌ ‌ما‌ فيها...
 ‌و‌ ‌ان‌ تصرفنى ‌و‌ ترجعنى اليك بالكثير ‌من‌ كرامتك ‌و‌ رحمتك التى هى الصفح ‌و‌ العفو فاذا رجعت اليك بذلك رجعت بالمغفره التى تعقبها الجنه ‌و‌ نعيمها...
 
فر: هرب ‌و‌ فر اليه لجاء اليه.
 استغاث: طلب الاعانه.
 فاليك افر اهرب اليك ‌من‌ ذنوبى ‌و‌ خطاياى ‌و‌ انت القادر على محوها...
 ‌و‌ منك اخاف ‌من‌ ذنوبى ‌و‌ ‌ما‌ عملت يداى فانت القادر على تبديد خوفى بعفوك ‌و‌ صفحك.
 ‌و‌ بك استغيث منك اطلب المعونه حتى اتخطى عقبات النار ‌و‌ ‌ما‌ فيها ‌من‌ عذاب.
 ‌و‌ اياك ارجو لامر آخرتى ‌و‌ دنياى فانت الرجاء الذى ‌به‌ تحل عقد المكاره ‌و‌ تزول المشاكل.
 ‌و‌ لك ادعو ‌ان‌ تغفر ذنوبى ‌و‌ تكفر سيئاتى ‌و‌ تدخلنى الجنه.
 ‌و‌ اليك الجاء اعود اليك ‌فى‌ طلب ‌ما‌ اريد فانك ‌لا‌ تخيب ‌من‌ لجاء اليك ‌و‌ لاذ بجنابك.
 ‌و‌ بك اثق انت المعتمد ‌فى‌ كل شى ء ‌و‌ لكل شى ء.
 ‌و‌ اياك استعين ‌لا‌ استعين بغيرك بل بك وحدك ‌و‌ منك اطلب الاعانه لكل امر يعجزنى ‌و‌ ‌لا‌ اقدر على حمله ‌و‌ القيام به.
 ‌و‌ بك اومن اومن بك وحدك ‌لا‌ شريك لك... قد اعتقد قلبى بك ‌و‌ آمن بوجودك ‌و‌ صدق بقولك...
 ‌و‌ عليك اتوكل اليك انقطعت ‌و‌ عن حولى ‌و‌ قوتى ‌و‌ حول الناس ‌و‌ قوتهم تخليت... انقطعت عن كل ‌ما‌ عداك ‌و‌ توجهت اليك وحدك فانت تلبى امورى ‌و‌ تتولى شوونى ‌و‌ ‌من‌ توكل على الله فهو حسبه...
 ‌و‌ على جودك ‌و‌ كرمك اتكل اعتمد على عطاياك ‌و‌ كرمك ‌و‌ احسانك ‌لا‌ على كرم احد ‌او‌ جوده لان كل ‌من‌ عداك يعتمد عليك فانت اصل الامور ‌و‌ معتمدها ‌و‌ منك يكون كل خير ‌و‌ ‌ما‌ نحن فيه ‌هو‌ فيض كرمك ‌و‌ سحابه جودك ‌و‌ ليخساء ‌من‌ يعتمد على غيرك ‌و‌ تبت يدا ‌من‌ رجع الى غير ساحتك...
 

برچسب ها :
نظرات کاربران (0)
ارسال دیدگاه